الاثنين، 23 مارس 2015

ضعف دافعية الطفل للتعلم الاسباب والعلاج


   الدافعية حالة داخلية تحرك الطفل للقيام بنشاط أو لإنجاز عمل، وقد تكون نابعة من استعداد فطري أو بتأثير حوافز معنوية مثل؛ الاستمتاع بشعور التفوق، أو الحصول على رضا الوالدين أو المعلمين، أو مادية مثل الفوز بهدية أو مكافأة مجزية.

 وبوجود هذه الدافعية يزداد تحصيل الطفل، وبغيابها يقل، لذلك فإن وجود الدافعية أمر في غاية الأهمية لإحراز النجاح وتحقيق التفوق.
ولضعف الدافعية أسباب عديدة بعضها يرجع إلى الأسرة، وبعضها الآخر مرده إلى المدرسة، وقد يكون الطفل نفسه هو السبب.
العوامل الأسرية لضعف الدافعية للتعلم
·      إهمال الأسرة للطفل، وعدم اهتمامها بما يحرزه من نجاحات، وذلك بسبب جهل الوالدين أو انشغالهما عنه بأعمالهما الوظيفية، فلا يلاحظونه في البيت، ولا يتابعونه في المدرسة.
·      ضعف ثقة الآباء بأبنائهم، فلا يتوقعون منهم إحراز أي نجاح ذي قيمة، ويكون الأمر سواء عندهم نجحوا أم فشلوا، وهذا من شأنه أن يشعر الطفل بالعجز والإحباط، وعدم المبالاة.
·      شعور الأبناء بأنهم غير قادرين على تحقيق توقعات أهلهم منهم بالحصول على درجات عالية، فيفشلوا.
·      عدم التوافق بين الزوجين والنزاعات المستمرة في البيت من شأنها أن تحول دون وجود بيئة دراسية سليمة للمذاكرة، فيشعر الطفل بالحزن ويفقد الدافعية للتعلم.
·      التدليل الزائد، أو الحماية الزائدة ؛ مما يشعر ابن الغني بأنه ليس بحاجة للدراسة؛ فإن أموال أبيه تكفيه طيلة عمره، فلا حاجة به لأن يتعب عينيه بالقراءة، أو ينفق وقته على مقاعد الدراسة وعنده من وسائل اللهو ما هو كفيل بأن يشغله ويحقق له المتعة.
·       كثرة النقد والقسوة الزائدة؛ فإن القسوة الزائدة قد تجعل الطفل ينفر من المذاكرة التي سببت له كل هذه المعاناة من والديه.
الأسباب المدرسية لضعف الدافعية للتعلم
·      منهج المواد الدراسية المثقل بالمحتوى والممل وغير القادر على إشباع حاجات الأطفال.
·      ضعف إعداد المعلمين، وعدم قدرتهم على توظيف إستراتيجيات التدريس والتقويم الحديثة المشوقة والحافزة للتعلم مثل إستراتيجيات تعليم التفكير وإستراتيجيات التدريس العملي والمعملي.
·      قسوة بعض المعلمين أو الإداريين؛ مما يجعل الطفل يكره المدرسة، وغير راغب في أن يكون موجودًا في هذا الجو المتسلط.
أسباب خاصة بالطفل نفسه
·      ضعف ثقة الطفل بنفسه، وهذا الضعف قد يكون ناجمًا عن التدليل الزائد أو القسوة الزائدة، مما يجعل الطفل انطوائيًا، غير قادر على التواصل مع أقرانه ومعلميه.
·      التأخر الدراسي؛ مما يجعل الطفل غير قادر على مجاراة أقرانه بالتعلم، فيصاب بالإحباط.
·      صعوبات التعلم الناجمة عن خلل في وظائف الجهاز العصبي المركزي.
أساليب العلاج لضعف الدافعية للتعلم
لا شك أن الأطفال يظلون بحاجة ماسة لمساعدة أهلهم لهم في كيفية تنظيم الوقت والمذاكرة والتعامل مع الصعوبات الطارئة، وهم قبل ذلك بحاجة للشعور بأن أهلهم يهتمون بهم، ويفرحون لنجاحهم، ويحزنون لفشلهم، لذلك فإن المقترحات الآتية يمكن أن تساعد في إثارة دافعية الأطفال للتعلم:
·      تحقيق الوفاق الأسري في البيت؛ وهذا من شأنه أن يهيئ للأطفال بيئة تربوية سليمة يتربون فيها على الثقة بالنفس، وعلى استقلالية الذات.
·      أن يكون الآباء قدوة لأبنائهم في الطموح والنظر إلى المستقبل نظرة تفاؤلية ملؤها الأمل في غد مشرق سعيد.
·      التشجيع المتواصل للطفل من قبل والديه ومعلميه بالحوافز المعنوية والمادية؛ وهذا التشجيع ينمي لديه الثقة بالنفس، فيقاوم الإحباط الناجم عن الفشل مما يجعله قادرًا على الإنجاز.
·      تدريب الطفل على الاعتماد على الذات، وعلى التفكير السليم والاستقصاء والتعلم الذاتي وحل المشكلات، وتنظيم الوقت واستثماره فيما يفيد، وتحديد الأهداف، والعمل الجاد والمتواصل لتحقيقها.
·      تعزيز النجاحات التي يحرزها الطفل مهما كانت محدودة بالوسائل المعنوية والمادية.
·      استبعاد الأساليب التعليمية القائمة على التلقين، والاستعاضة عنها باستراتيجيات تعليم حديثة قائمة على تعليم التفكير، وعلى الأنشطة العملية والرحلات العلمية.
فإذا تكاملت جهود الأسرة وتكاتفت مع جهود المدرسة، فإن الطفل سيجد نفسه في بيئة تربوية سليمة تثير قابليته للتعلم وتحفز دافعيته للمذاكرة وللتقدم في تحقيق الأهداف التربوية المحددة في المناهج الدراسية الحديثة القائمة على الممارسة العملية، فينشط للاستقصاء والبحث والتعلم الذاتي، فيجد متعة بالدراسة، ويزداد تحصيله العلمي والعملي تلقائيا.

رسالة إلى المعلم

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة المعلمون هـذه رسالة الى معلم للشيخ عائض القرني أحببت أن ننتفع بها والدعاء منـكم للشيخ الفاضل جزاه الله خيرا على رسالته القيمة


رسالة إلى المعلم

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد 00

فيا أيها الأستاذ ، سلام الله عليك ورحمته وبركاته0

قم للمعلم ووفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا

يا وارث علم الرسول صلى الله عليه وسلم ، يا مربي الأجيال ، يا فاتح العقول بذكر الله عز وجل ، جزاك الله عن أمة محمد خير الجزاء ، وأثابك الله على ما تحمله من رسالة إذا كنت تريد الخير 00

أيها الأستاذ : أجيالنا يجلسون أمامك ،

أيها الأستاذ : وضعنا قلوبنا وأكبادنا تستمع لما تقول من لسانك ،

أيها الأستاذ : أما ترى أساتذة البغي والعدوان والباطل كيف ينشرون مبادئهم ومخططاتهم الهدامة ، ألا تنشر فكرك الواضح البناء الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟00

أيها الأستاذ : لئن يهدي بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ، فاتق الله عز وجل في هؤلاء الشبيبة ، وهؤلاء النشء فانهم يرونك قدوة وأسوة ومعلماً 00

أيها الأستاذ : إن الكلمة الصادقة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب ، والكلمة الكاذبة إذا خرجت من اللسان لا تتجاوز الآذان 0

أيها الأستاذ : إن النفع عند العقلاء يكون بقدر ما ينتفع الشخص أولاً قبل الناس 0

قال تعالى ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ )0

فما مقدار عملك لعلمك ؟00

عليك أيها الأستاذ أن تتقي الله عز وجل فيما تعلمت لتكون صورة حية لهذا الدين ، الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم 0

أيها الأستاذ : كان علماء السلف إذا تعلموا أموراً أعطوها للناس بسلوكهم وبتعاملهم وأخلاقهم ومناهجهم في الحياة 0

أيها الأستاذ : أساتذتنا من القرون المفضلة خرجوا إلى الشعوب الإسلامية في إندونيسيا وماليزيا فبلغوا دعوة الله بأعمالهم قبل أقوالهم ، فإنا ندعوك اليوم في أول هذا العام الدراسي إلى أن تقدم للشبيبة علماً نافعاً ، وعملاً صالحاً ورسالة خالدة ، وكلاماً مؤثراً ، وأن تتقي الله عز وجل في هذا النشء ، وهذا الجيل الذي ينتظر منك النصح 00 إنهم عطشى أمامك ، فاسكب على قلوبهم من فيض حنانك وودك ما تجعله ان شاء الله بلسماً شافياً 00 إنهم جوعى وهم ينتظرون اللقمة الطيبة اللذيذة التي تكمن في تقديم المادة الطيبة من قول الله عز وجل ، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم 0

سدد الله خطاك ، ونفع بك ، وجعلنا وإياك من المقبولين عنده ، الصادقين في ديوان الخلود 00


أخوكـــــــم
عائض بن عبدالله القرني

الفشل الدراسي وأساليب الدعم التربوي

الفشل الدراسي وأساليب الدعم التربوي


:تـقـديـم:الدعم التربوي في مواجهة ظاهرة الفشل الدراسي ، هذا هو الإشكال الذي ننطلق منه في هذه الدراسة التحليلية التي استندنا فيها على بعض الأدبيات التربوية و ما تراكم لدينا من تجربة في العمل التربوي الميداني والاحتكاك بالظواهر التعليمية داخل المغرب وخارجه.
والحقيقة أن هذا الموضوع يكتسي أهمة كبرى في الأنظمة التعليمية ويشكل أعظم هاجس يؤرق كافة العاملين بها . كما تكمن أهميته في كونه يصيب العملية التعليمية والمناهج الدراسية في عمقها التربوي وبعدها الكيفي.
وفي اعتقادنا ، لو كان موضوع الفشل الدراسي والدعم التربوي ، الموضوع الوحيد لعلم التدريس برمته ، لكان كافيا و لاستغنى به عن جميع المواضيع الأخرى ، لأنه يصيب نشاط المدرسين في عمقه النوعي.
وسيكون بطبيعة الحال من المستحيل في هذه العجالة، عد الدراسات التي أنجزت في موضوع الفشل الدراسي عربيا وعالميا ، فهي كثيرة وجد متشعبة . على أن ما لاحظناه من خلال إطلاعنا على عدد من الدراسات ،أنها تشير كلها إلى عالمية ظاهرة الفشل الدراسي و انتشارها في جميع الأنظمة التعليمية شرقا وغربا بدون استثناء وإلى خطورة ما تسببه من آثار سيئة ، سواء على المستوى الفردي أو الاجتماعي.
فإذا نظرنا إلى عالمنا العربي على سبيل المثال ، فإن ظاهرة الفشل الدراسي وما يرتبط بها من تكرار وانقطاع وضياع(الهدر)، تمثل في المرحلة الابتدائية معدلات عالية . ففي السعودية أواسط التسعينات ، بلغت نسبة من لم يتموا المستوى الأول من التعليم 20% ، وفي تونس 10% ،وفي الكويت 17%. أما في سلطنة عمان فالنسبة وإن كانت تبدأ قليلة في الصفوف الأولى من التعليم الأساسي ( حوالي 3% لإجمالي الذكور و 2% لإجمالي الإناث في هذه المرحلة ) ، نظرا للإجراءات الحديثة لمواجهة الرسوب والتكرار ، فإنها ترتفع نسبيا سنة 2004، لتصل في جملة الصفوف 7-9 أساسي ، إلى حوالي 14% من إجمالي الذكور و7% من إجمالي الإناث .كما ترتفع في جملة الصفوف 10-12 أي في مرحلة التعليم الثانوي ، إلى 15.4% بالنسبة للذكور و7.2% بالنسبة للإناث.( عن وزارة التربية والتعلم ، "الخطة الخمسية السابعة ، 2006-2010م" ، مسقط).
وفي المغرب انتقل المعدل المتوسط للرسوب وتكرار الصفوف (الفصول) في السلك الأول من التعليم لأساسي من 20% سنة 1985 ، إلى حوالي 25% سنة 1995.( محمد الدريج " الدعم التربوي وظاهرة الفشل الدراسي " الرباط، 1998 ) .
كما تثبت الإحصاءات أن نسبة وجود مشكلة ذوي صعوبات التعلم في البيئة العربية تفوق معظم النسب العالمية. ففي دراسة مصرية لمصطفى كامل أوضحت أن 28% لديهم صعوبات في الكتابة و26% لديهم صعوبات في القراءة . وفي دراسة ميدانية أجريت في دولة قطر أواسط التسعينات أظهرت أن نسبة صعوبات تعلم القراءة والكتابة بلغت 40% ( عن مجلة " آفاق تربوية" ، 12/1998، الدوحة ، قطر ).
فما هي طبيعة ظاهرة الفشل الدراسي وما طبيعة ما يرتبط بها من آثار سلبية مثل التكرار والتسرب والتخلف الدراسي...؟ وما هي الأسباب ؟ ثم كيف يمكن التعامل معها من خلال أساليب الدعم التربوي أو برامج العلاج ؟ وما هي تجارب الأنظمة العربية والعالمية في مواجهة هذه الآفة التي تستنزف كثيرا من ميزانيات الأنظمة التعليمية وتؤثر سلبا في نمو الأفراد وتطور الجماعات ؟ هذه أهم الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها في هذه الدراسة من خلال العناوين الرئيسة التالية :

1- تعريف الفشل الدراسي
2- أسباب الفشل الدراسي
3- االعوامل المدرسية للفشل و تحليل طبوع العملية التعليمية
4 - تعريف الدعم التربوي
5- أساليب الدعم لتربوي

1- تعريف الفشل الدراسي

هناك ستة عناصر أساسية في تعريف الفشل الدراسي :

أولا - من المعلوم أن السنوات الدراسية في جميع مراحل التعليم ، إما أن تنتهي بامتحان تقويمي نهائي ، أو تقسم السنة الواحدة إلى عدة فصول ( والفصل الواحد إلى اختبارات جزئية – فترية) ، ينتهي كل واحد منها بامتحان دوري ( فصلي) ، و عادة ما يتم اللجوء إلى الأسلوبين معا لتقويم التلاميذ ، كما هو الحال في العديد من الأنظمة التعليمية و منها نظام التعليم في سلطنة عمان . كما تختم في العادة أسلاك التعليم بامتحانات عامة و مقننة ( الاختبارات الموحدة ) تغطي مجموع المؤسسات التعليمية الرسمية و غير الرسمية في جميع الأقاليم ، مثل الاختبار الموحد الذي يتوج مرحلة التعليم الثانوي( امتحان الثانوية العامة أو البكالوريا ).

ثانيا - الرسوب و يعني الإخفاق في اجتياز امتحان من الامتحانات و عدم التفوق فيها . و الرسوب لغويا هو السقوط و الانحطاط إلى أسفل ، فعندما نقول رسب التلميذ في الامتحان ، يعني ذلك أنه سقط إلى أسفل الدرجات ( العلامات ) المستعملة للضبط في جميع الامتحانات . على أن الرسوب قد يكون جزئيا أو كليا ، فإما أن يرسب التلميذ في مادة دراسية أو أكثر أو في امتحان جزئي ، دون أن يؤثر ذلك في معدله العام و الذي يحكم بواسطته عادة ، على ما إذا كان التلميذ قد نجح أم لا . أو أن يرسب في أغلب المواد ( المقررات) و في أغلب الامتحانات الجزئية و بالتالي لا يبلغ مجموع درجاته المعدل العام و في هذه الحالة يكون الرسوب كليا .
و الرسوب ينطلق مما يسمى بنظرية " المستوى الواحد للصف "، و تعني هذه النظرية السائدة أن لكل صف مستوى معين للتحصيل و كذا مقاييس خاصة ، وفقا لبرامج مقررة ، على المدرسين احترامها ، تناسب نظريا على الأقل ، عمر التلاميذ و قدراتهم بصفة عامة وتلائم نوعية التعليم و أهدافه . كما تعني هذه النظرية أن المستويات تنتقل تدريجيا و بكيفية تصاعدية عبر الصفوف ، أي ما يعرف بالطابع الفصولي -التتابعي للتعليم و الذي سنفصل الحديث عنه فيما بعد . و معنى أن ينجح التلميذ ، هو أن يكون قد حصل على مستوى الصف الذي يوجد فيه ، و يكون بالتالي قادرا على إتباع مستوى الصف الموالي . و العكس معناه الرسوب ، أي أن التلميذ لم يحصل على القدر المرغوب فيه و بالتالي لا يستطيع مسايرة زملائه في الصف الموالي .

ثالثا - يكون من نتائج الرسوب التكرار ، أي إعادة نفس الصف من طرف التلميذ لتحصيل نفس المستوى الذي حاول تحصيله بالفعل في السنة المنصرمة ، فيتخلف بالتالي هذا التلميذ دراسيا عن زملائه من الناجحين ، كما يتخلف عن المستوى التحصيلي الذي كان سيستفيد منه لولا رسوبه أولا و تكراره كنتيجة لذلك . و هكذا نرى مدى الارتباط الوثيق بين الرسوب و التخلف الدراسي ، و نحن نستعملهما هنا في نفس المعنى كما نستعملهما للدلالة على مفهوم آخر و هو الفشل الدراسي .

رابعا - إن الرسوب قد ترافقه مشاعر نفسية و كذا مواقف اجتماعية سلبية ، و في هذه الحالة نستعمل كلمة فشل للتعبير عنه . إن مشاعر الحزن و القلق التي ترافق التلميذ الراسب و في المقابل مشاعر الفرح و الرضا التي تقترن عادة بالنجاح ، تجعل من الرسوب حالة نفسية ــ اجتماعية خاصة ، هي حالة الفشل . ثم إن الرسوب كثيرا ما تستتبعه مواقف اجتماعية كالسخرية مثلا ، فيكون الرسوب عقابا معنويا قد يتبعه عقاب بدني، على "تهاون " التلميذ و خروجه عن قيمة اجتماعية ( أو معيار اجتماعي ) مهمة و هي النجاح و التفوق و واضح إذن ما يترتب عن الرسوب الدراسي من آثار نفسية و اجتماعية سيئة .
و هكذا نتأدى من مفهوم الرسوب إلى مفهوم آخر أكثر عمومية و هو مفهوم الفشل ، ذلك أن الفشل قد يصيب الأفراد سواء داخل المدرسة أم خارجها . كما أن المدرسة قد تعاني هي بدورها من الفشل . فكثيرا ما تفشل المدارس ذاتها في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها . و دون أن نخوض الآن في هذه الإشكالية ، أي فيما إذا كان الفشل فشل التلميذ أم فشل المدرسة ، لا بد أن نذكر بالتداخل ، و ربما التطابق في بعض الأحيان ، بين المصطلحين : الفشل و الرسوب . إن الفشل رسوب بعدما يتحول إلى حالة نفسية ــ اجتماعية .

خامسا- كما ينبغي التمييز بين الفشل و التعثر الدراسي ( أو ما يسمى بصعوبات التعلم خاصة النوع البسيط منها)، على أساس أن التعثر الدراسي حالة مؤقتة تكاد تكون عادية تصيب معظم التلاميذ إن لم نقل كلهم ، و تعني أنه أثناء التحصيل يجد التلميذ في مادة معينة و في موضوع ما ، صعوبة فهم و استيعاب ( مسألة أو فكرة أو معلومة) لسبب من الأسباب ، لكن و بمجهود إضافي ذاتي أو بتدخل من المدرس أو في إطار حصص الدعم أو بفضل جلسات الاستذكار و المراجعة في البيت ، يتدارك التلميذ المسألة و يواكب مجددا و يلحق بزملائه . لكن التعثر يمكن أن يتحول إلى رسوب و فشل إذا تكرر و تعمم و استوطن و إذا لم يتم تدارك الأمر في الوقت المناسب .
وللتذكير فإن الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم بالسلطنة ، تستعمل للدلالة على مفهوم قريب من مفهوم التعثر الدراسي ، وهو مصطلح صعوبات التعلم حيث تعرف فئة صعوبات التعلم :" بأنها تختلف عن الفئات الأخرى كالتخلف العقلي وبطء التعلم و التأخر الدراسي ، فهي تضم أطفالا يتمتعون بذكاء عادي أو ربما عالي ولا يشتكون من أية إعاقات ومع هذا يعانون من مشكلات تعلمية تجعلهم يعانون في التحصيل الدراسي ( يعانون من صعوبات واضحة في اكتساب واستخدام مهارات الاستماع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة ، أو أداء العمليات الحسابية الأساسية ...) ".
كما تقسم تلك الوثائق فئة ذوي صعوبات التعلم إلى ثلاثة مستويات : البسيط والمتوسط والشديد.وتقترح بخصوص الدعم التربوي ،أو ما تسميه بالبرنامج العلاجي أن يتم التعامل مع أفراد هذه الفئة كل حسب مستوى الصعوبة لديهم .

سادسا- العنصر السادس في تعريف الفشل الدراسي ، يكمن في ضرورة التمييز بين التخلف (الفشل) الدراسي والتخلف العقلي . فإذا كنا لا نميز بين الفشل الدراسي والتخلف الدراسي ، على أساس أن هذا الأخير هو نتيجة من نتائج الرسوب والفشل ، فإننا نميز بينه وبين التخلف العقلي .ذلك أن التخلف الدراسي " هو تخلف أو انخفاض مستوى التحصيل لدى بعض التلاميذ عن المستوى المتوقع في اختبارات التحصيل ، أو عن مستوى أقرانهم العاديين الذين هم في مثل أعمارهم ومستوى فرقهم الدراسية" ؛ في حين أن التخلف العقلي هو حالة تأخر أو توقف أو عدم اكتمال النمو العقلي ، يولد بها الفرد أو تحدث في سن مبكرة ، نتيجة لعوامل وراثية أو مرضية أو بيئية ، تؤثر في الجهاز العصبي للفرد (خاصة الدماغ)، مما يؤدي إلى نقص الذكاء ، وتتضح آثارها في ضعف مستوى أداء الفرد في المجالات التي ترتبط بالنضج والتعليم والتوافق النفسي".
لذلك فإذا كان كل متخلف عقليا متخلف دراسيا ، فإن كل متخلف دراسي ليس بالضرورة متخلفا عقليا

2- أسباب الفشل الدراسي


بشكل عام فإن مختلف التصنيفات التي تدرس أسباب الفشل الدراسي والتي من المفروض أن يطلع عليها المدرسون وكل من سينخرط في خطة الدعم التربوي ،عادة ما تصنفها إلى ثلاثة مجموعات أساسية:

1- الأسباب الذاتية التي ترتبط بالتلميذ :وهي الأسباب المحايثة لبنيته الجسمية والنفسية.
2-الأسباب الخارجية التي تعود لبيئة التلميذ : والتي تؤثر في أداء التلميذ من الخارج وتشكل محيطه الاجتماعي والثقافي.
3 - و الأسباب الخارجية التي تعود للمدرسة والنظام التعليمي والتي تشكل محيطه التربوي .

وإذا اكتفينا بالحديث عن الأسباب المدرسية للفشل الدراسي ،لمقتضيات منهجية بحثة ولضيق المجال المحدد لهذه الدراسة ودون التقليل بطبيعة الحال من أهمية وخطورة العوامل الاخرى ، سنجدها كثيرة لعل من أهمها :
- تكدس الفصول وسوء ظروف العمل.
- عدم ملاءمة البرامج.
- ظروف العمل في الوسط القروي.

و فضلا عن هذه العوامل ، تتحدث نايفة قطامي عن أهمية المناخ الاجتماعي داخل الفصل ( حجرة الدرس) في عملية التعلم وتأثير بعض عناصره في أداء المتعلمين،خاصة تلك التي ينتبهون إليها ويتفاعلون معها،ومنها:
ـ ما يسود بين التلاميذ من علاقات ودية أو محايدة أو عدوانية.ويعتبر المناخ العدواني داخل الصف ،مناخا منفرا للتعلم أو للاستمرار في القصف وفي المدرسة عموما.
ـ نوع التنظيم داخل الصف والذي قد يحول دون حرية الحركة والتواصل بين التلاميذ.
ـ سيادة جو التنافس الشديد قد يسهم في زيادة حالات العدوان بين التلاميذ و الشعور بالتفوق والتفرد، مما يجعل جو الصف خاليا من التعاون والأمن.
ـ التباين في أعمار التلاميذ وأجسامهم،مما قد يتيح لمجموعة من التلاميذ الفرصة لاستغلال قوتهم في السيطرة على الضعاف منهم ( نايفة قطامي ، 1992 ،ص175.).
ـ طول المقررات في جميع المواد وتكدس بعضها بشكل غير متوازن ؛
- العطل السنوية(عطله نهاية الطورين الأول و الثاني و عطل الأعياد الدينية و الوطنية ) ؛
- غياب التلاميذ و مغادرتهم المدارس بشكل جماعي حتى قبل الانتهاء من المقرر ، للتهيؤ للامتحانات خاصة بالنسبة لتلاميذ المرحلة الثانوية ؛
- إخلاء المؤسسات و إفراغها لتنظيم الاختبارات الموحدة ؛
-انشغال المدرسين بالحصص المخصصة لتصحيح الاختبارات و لاجتماعات مجالس الصفوف ؛
- البداية المتأخرة نسبيا للسنة الدراسية في العديد من المؤسسات و التوقف عن الدراسة السابق لأوانه .

3- الأسباب المدرسية للفشل و تحليل طبوع العملية التعليمية

إن ما يزيد من خطورة الأسباب المدرسية للفشل الدراسي والتي أشرنا إليها سريعا، هو ما نسميه بالطبوع المحبطة التي تميز المدرسة و النظام التعليمي عموما والتي يمكن أن تشكل عوامل مستقلة بذاتها ،طبوع يمكن تلخيصها كما يلي:
* الطابع الهيكلي - التنظيمي للمدرسة .
* الطابع الفصولي ـــ التتابعي .
* الطابع الجمعي للتدريس .
* الطابع الاختباري .

1- الطابع الهيكلي- التنظيمي للمدرسة .

ما أن يلج الطفل المدرسة إلا و تتغير الأمور و يتبدل العالم من حوله و تبدأ المشاكل و التعقيدات ، فيبدأ التلميذ في فقدان التلقائية و الحرية التي كانت تميز حياته السابقة ( أي حياته قبل التحاقه بالمدرسة ) ، فيدخل في دوامة من الإلزام و الخوف و ربما الهلع ، أمام هذا الطابع الهيكلي ـــ التنظيمي و الجامد الذي يميز الحياة الدراسية : المقررات ، الأوامر و النواهي ، التوجيهات ، الانتظام في صفوف ، الجلوس بهدوء و الامتناع عن الكلام ( و ربما عن الحركة ) لفترات طويلة و الانتباه إلى ما يقوله المدرس و ما يفعله و الالتزام بالوقت و انتظار الجرس ، و إنجاز التمارين و الواجبات و الانخراط في منافسة شرسة مع الزملاء للحصول على النقاط العالية و المراتب الأولى ، و الإعداد للامتحانات و تجنب إهانة السقوط و البحث عن عزة النجاح ... فيدخل بالتالي في إطار يحدث له نوعا من الصدمة النفسية/الثقافية ، تجعله يتعلم بنوع من الضغط و الإكراه بدلا من الرغبة التلقائية و الإقبال العفوي على التحصيل و التثقيف الذاتي .
فتصير المعادلة ( أو العملة ) السائدة في إطار هذا الطابع الهيكلي للتعليم ، هي :
" في المدرسة لا يمكن لأي واحد أن يتعلم أي شيء مع أي كان و في أي وقت يشاء و بأية طريقة تحلو له ".
فلا بد لمن يريد أن يتعلم، أن تتوفر فيه الشروط ( السن و مكان الازدياد ... ) و أن يتعلم محتويات مقررة في المنهاج الرسمي العام و المشترك بين جميع المؤسسات و أن يتعلم مع مجموعة من التلاميذ المصنفين بناء على اللوائح التنظيمية المعمول بها ، و في أوقات محددة في استعمالات الزمن و بالطرق التي تفرضها التقاليد التدريسية السائدة في مدرسته و بين مدرسيه .
فلا يمكن للفرد أن يتعلم إلا في إطار هذا النظام التعليمي المهيكل والصارم من طرف الراشدين ، و فقط عندما تكون الأهداف محددة و بحضور مدرس مهيأ للقيام بالتعليم و في إطار مواد و حصص و توزيع زمن مبيت سلفا .

2 - الطابع الفصولي ـــ التتابعي :

الخاصية الثانية التي تميز الأنظمة المدرسية بشكل عام ، هي الخاصية الفصولية و التعاقبية . و مؤداها أن المقررات تبنى في العادة على أساس التعاقب و التتالي ، أي على أساس أن المادة الواحدة من المقرر تقسيم و تجزأ إلى مجموعة من الدروس و الوحدات و داخل كل درس أو كل وحدة دراسية هناك مواضيع تكون عبارة عن حلقات متسلسلة يؤدي الواحد منها إلى الآخر بالضرورة . فمثلا في الحساب لا يمكننا أن نتعلم القسمة قبل تعلم الضرب و لا يمكن أن نفهم و نتعلم الضرب قبل تعلم عمليات الجمع و الطرح ، كما لا يمكن اكتساب هذه العمليات دون اكتساب مفاهيم العدد و الزائد و الناقص ... و هذا المثال ينطبق مبدئيا على اللغة و على بقية المواد الأخرى العلمية منها أو التقنية أو الأدبية .
و نتيجة لهذه الطبيعة التعاقبية و المتمثلة في ارتباط المواضيع داخل الدرس الواحد و بنائها بشكل متسلسل ، لا يكون أمام التلميذ من خيار سوى النجاح ، فليس أمامه من حل آخر . ذلك أن فشله في اكتساب الوحدة الأولى ، ينتج عنه بالضرورة فشل في اكتساب الوحدة الثانية ، ما دامت هذه الوحدة مبنية على السابقة و لا يمكن فهمها و تحصيلها ما دمنا لم نحصل بشكل ملائم الوحدة الأولى و هكذا . فإذا لم يستوعب التلميذ في مثالنا السابق ، عمليات الجمع و الطرح فسيصعب عليه استيعاب الضرب و سيصعب عليه تعلم الوحدة التالية و هي القسمة .
و هكذا فان ما يحدث من تعثر بسبب الطبيعة الفصولية و التعاقبية للمواد الدراسية ، قد يؤدي إلى تأصل " ميكانيزم الفشل " لدى التلاميذ المتعثرين ، و القاعدة تقول : " إن الفشل يولد الفشل " ، كما بينت العديد من الدراسات أن " النجاح يولد النجاح " ، و لو كان النجاح كاذبا أو جزئيا و صغيرا فانه في حد ذاته محفز على التقدم و التفوق ، في حين أنه و بمجرد ما يبدأ الفشل في الظهور كسمة في سلوك الطفل ، إلا و تنتج عنه مشاعر الخوف و القلق الأمر الذي قد أن يؤدي إلى تسرب ميكانيزم الفشل و الشعور بالعجز و فقدان الثقة في النفس .

3- الطابع الجمعي للتدريس :

النظام التعليمي السائد حاليا في جميع الأقطار ، هو النظام الذي يغلب عليه أسلوب التعليم الجمعي . و الذي يقضي تجميع أعداد من التلاميذ في قسم واحد بناء على معايير معينة ، حيث يستفيدون بشكل جماعي و في نفس الوقت من نفس التعليم و من نفس المنهاج الدراسي .
و لكن و أمام انتشار التعليم و دمقرطته و السعي نحو الاقتصاد ( اقتصاد في الوقت و الجهد و الإمكانيات ) و ازدياد الإلحاح على تعميم التعليم و الذي لم يبق حكرا على فئة اجتماعية دون أخرى و خاصة على فئة النخبة و التي كان بإمكانها توفير معلمين خصوصيين لأطفالها و توفير الظروف الملائمة لتعليمهم ... أمام كل ذلك تضاعفت أعداد التلاميذ الطالبين للتعليم ، فأصبح من المستحيل اليوم ، اللجوء إلى التعليم الفردي كما كان يمارس في الماضي . لقد أصبح المدرس اليوم يجد نفسه و في إطار التعليم الجمعي ، أمام 30 وربما 40 تلميذا أو أكثر ، فكيف يواجههم و بأي أسلوب سيتعامل مع خصوصياتهم وفروقهم الفردية ، فكيف سيكون تعليمه في هذه الحالة ؟ إن المدرس في هذه الحالة يتعامل مع كل هؤلاء و يوجه خطابه إليهم في نفس الوقت و بشكل جماعي ، يفعل ذلك كما لو كان أمام تلميذ افتراضي واحد . على أننا نلاحظ أن أفضل المعلمين و أكثرهم التزاما ، يجاهد في أن يتموضع خطابه و نشاطه التعليمي بشكل عام ، في الوسط ، بحيث يسير بإيقاع و سرعة من يفترض أنهم متوسطون ، بناء على كون معظم التلاميذ و انطلاقا من التوزيع الطبيعي للبشر ( أي التوزيع الذي يتخذ شكل الجرس ) ، يوجدون في الوسط . و لكن هذا الموقف الشائع كثيرا ما يكون على حساب الطرفين أي على حساب الضعاف و الأقوياء على حد سواء .

4 - الطابع الاختباري :

لعل من أهم الانتقادات التي توجه للأساليب القديمة في التقويم و بالتالي للطابع الاختباري للأنظمة التعليمية ، هو إيلاؤها الامتحانات أهمية كبيرة ، بحيث ينظر الجميع إلى الامتحان كغاية في حد ذاته و ليس كوسيلة للكشف و التشخيص و التطوير ... و هكذا ففي نظام التقويم المعتمد ، نجد سيادة أسلوب الاختبارات و الامتحانات . إن التقويم بشكل عام ، يلجأ إلى طريقة و حيدة و هي الامتحان ، كتابيا كان أم شفاهيا ، لمعرفة مدى ما حفظه التلاميذ .و"عند الامتحان يعز المرء أو يهان".
و لا يستعمل التقويم كأداة لإعادة النظر في العملية التعليمية و تصحيح مسارها . كذلك فان الامتحانات و ما سيحصل عليه التلميذ من نتائج في نهاية السنة و ربما من مكافآت ، تشكل العنصر الأساسي في أسلوب التحفيز أي في دفع و إثارة همة التلميذ و تحفيزه للتحصيل و الجد في طلب العلم . و الكل يعلم ما يترتب عن ذلك من ظواهر سلبية تزيد في تعميق مشاعر الفشل و الإحباط ، و في مقدمتها الخوف و الهلع من الامتحان و الاضطراب في الأداء في إطار المناخ القاسي الذي تمر فيه الامتحانات و بالتالي تعثر أعداد غير قليلة من التلاميذ ، بحيث لا يكشف الامتحان في نهاية المطاف ، عن مستوى تحصيلهم الحقيقي ، ذلك المستوى الذي كان سيكون مغايرا بكل تأكيد ، لو كانوا في وضعية مريحة لأداء الواجبات و التمارين ...
و قد تنتشر بارتباط مع ذلك ، ظواهر لا تربوية مفسدة ، مثل لجوء التلاميذ إلى الخداع أثناء إنجاز الواجبات أو إلى بعض السلوكات المشينة و العدوانية تجاه المدرسة و المدرسين .
و من الإفرازات الخطيرة لهذا الطابع الاختباري للتعليم ، انتشار ظاهرة الغش المتمثلة في لجوء العديد من التلاميذ إلى أساليب ملتوية و غير أخلاقية لمواجهة ضغوط الامتحانات .

- تعريف الدعم التربوي

الدعم لغة يعني رد الأمر أو الشيء إلى نصابه و استقامته ، كلما بدأ يميل و ينحرف و يخرج عن القاعدة و المألوف . فالتلميذ الذي يتعثر في التحصيل يحتاج إلى دعم و سند قبل أن يميل و يسقط مثل الشجرة أو الجدار .

والدعم اصطلاحا ، جملة من الأنشطة التعليمية المندمجة و التي تهدف بالإضافة إلى حصول التعلم لدى جميع التلاميذ ( أو معظمهم ) بشكل عادي ، إلى تقديم تعليم فردي وقائي ، ملائم للنقص الذي يتم اكتشافه خلال المراقبة المستمرة، و حتى يتمكن التلاميذ جماعات و أفراد ، من تحقيق الأهداف المرسومة حسب إمكانياتهم و حسب متطلبات المستوى الدراسي الذي يوجدون فيه .

انطلاقا من هذا التعريف يمكن إضافة بعض البيانات التوضيحية التالية :
- إذا كان الدعم المندمج و التوقعي أمرا ايجابيا ، ينبغي ترسيخه في الأنشطة التعليمية العادية للمدرسين ، فان الدعم العلاجي و الذي يأتي في نهاية المرحلة و في بعض الأحيان بعد فوات الأوان ، نقول إن هذا الدعم أمر سلبي ينبغي تجنبه ما أمكن.
- كما أن الدعم التربوي و الذي يعني تصحيح وضعية التعثر و النقص لدى بعض التلاميذ ، ينبغي أن يعمل في نفس الوقت و بشكل مندمج ، على تفادي حصول التعثر و بالتالي تفادي حصول الفشل و الرسوب لديهم ، و من هنا الدور التوقعي و الوقائي الذي ينبغي أن يلعبه التدريس بشكل عام و خطة الدعم التربوي بوجه خاص ، انطلاقا من المبدأ القائل : " الوقاية خير من العلاج ".
- لكن الإلحاح على الدور الوقائي للتدريس لا يعني أن نستبعد من خطة الدعم ، التعليم التصحيحي و العلاجي و الذي نلجأ إليه عند الضرورة .
- ترتبط خطة الدعم التربوي في إطار التعليم المندمج بنتائج الاختبارات التشخيصية من جهة و بنتائج التقويم التكويني و المراقبة المستمرة من جهة أخرى .
- كما ترتبط هذه الخطة بضرورة البرمجة و التخطيط الجيد للمقررات و للدروس و بتحديد الأهداف .
- ضرورة أن تواكب هذه الخطة كذلك مشروع المؤسسة و الشراكة التربوية ، على أساس الاستفادة من إمكانيات الجهة و المنطقة و الجماعة ( مشاريع الجهة و مشاريع المنطقة ... ) في حالة اللجوء إلى الدعم الخارجي و كلما ظهرت صعوبات تنظيم الدعم العلاجي داخل المؤسسات .
- و بصفة عامة توجه خطة الدعم التربوي إلى تلاميذ عاديين و لذلك ينبغي تمييزها عن التربية الخاصة بالمعاقين أو المتخلفين عقليا .
و سنبين في فقرات لاحقة أسس التمييز بين المتعثرين دراسيا و الذين يعانون من فشل ظرفي و مؤقت و بين المتخلفين عقليا .

* * *

- أساليب الدعم التربوي

أساليب الدعم في الأدبيات التربوية الفرنسية :

في البداية ففي النظام التعليمي الفرنسي مبدئيا التلميذ لا يكرر الصف . و إذا انتبه المدرس أن تلميذا ما ، لا يتمكن من المسايرة و المواكبة و أنه بدأ يتخلف شيئا فشيئا عن زملائه ، ففي هذه الحالة يلجأ إلى نشاط من أنشطة الدعم المنصوص عليها في التوجيهات الرسمية ، و للمدرس أن يختار من الأساليب و الإمكانيات المطروحة، تلك التي يراها أكثر ملاءمة ، و هي :

1- حالة التلميذ الذي يعاني من صعوبة طارئة و مؤقتة :

و هذه الحالة قد تكون نتيجة غياب عن الدروس لبضعة أيام أو بسبب شرود و عدم انتباه غير معتاد . و في هذه الحالة يلزم إعادة الشرح أو التمارين أو مراجعة المواضيع و المسائل التي لم يفهمها و لم يستوعبها هذا التلميذ بالذات .

2- في إطار الأنشطة العادية للصف (القسم):

في هذه الحالة تطالب التوجيهات الرسمية المدرس بتقديم مساعدة مشخصة للتلميذ و ذلك بإعادة و بشكل أكثر تفصيلا و أكثر تبسيطا ، الشروح التي لم يتمكن من استيعابها . و هذه المساعدة تتوقف بمجرد أن يتمكن التلميذ من اللحاق بزملائه .
كما يمكن للمدرس أن يشكل مجموعات مؤقتة على أساس مستوى التلاميذ بالنسبة لبعض الأنشطة ( في اللغة الفرنسية أو الرياضيات مثلا ) . و يقوم التلاميذ في إطار هذه المجموعات بأنشطة تعليمية من مثل إنجاز تمارين بسيطة ، حتى يضمنوا تحصيل المعلومات الأساسية ، و ذلك لمدة نصف ساعة يوميا و ساعتين في الأسبوع على أكبر تقدير .

3- تشكيل مجموعات قارة للمستوى :

كما يمكن للمدرس أو لإدارة المدرسة اللجوء إلى تشكيل مجموعات قارة للمستوى في الفصل الواحد ، حيث يتبين وجود عدد مهم من التلاميذ الذين يبدون تعثرا و ضعفا و يحتاجون إلى دعم طويل الأمد يمتد خلال سنة كاملة .

- نذكر أنه في سلطنة عمان على سبيل المثال، يتم الحديث بالنسبة لهذه الحالات (وخاصة بالنسبة للحالة 2و3) عن تنفيذ البرنامج العلاجي داخل الصف (القسم)العادي للتلميذ ، حيث ينفذ هذا الخيار بحق الطلاب الذين لديهم صعوبات تعلم بسيطة.

4- صفوف المستوى :

كما يمكن اللجوء عند الضرورة إلى خلق صفوف(فصول أو أقسام كما نقول في المغرب) كاملة للمستوى ، إذا تبين أن مجموع تلاميذ الصف الواحد ، لا يمكنهم مسايرة التعليم العادي ، شريطة أن تتوفر المدرسة على فصلين على الأقل ، من مستوى التحضيري (السنة الأولى ابتدائي ) أو صفين من الابتدائي أو المتوسط ، و شريطة أن يعود التلميذ المستفيد من مجموعة المستوى أوصف المستوى ، للاندماج مجددا في التعليم العادي بشكل تلقائي كلما تمكن من تحصيل ما فاته و بالتالي اللحاق بزملائه .

- نشير بالنسبة لسلطنة عمان ، أن الطلاب ذوي الصعوبات التعلمية المتوسطة والشديدة يستفيدون من تنفيذ البرنامج العلاجي داخل غرفة خاصة بالمدرسة، وإن كانوا يستمرون في التعلم باقي اليوم في صفهم العادي.

5- تدخل مجموعة الدعم النفسية- التربوية :

أما في الحالة التي يبدي فيها التلميذ صعوبات خاصة لا يمكن للمدرس مواجهتها و علاجها ، فعند ذلك تتم الاستعانة بمجموعة من المتخصصين من مثل علماء النفس المدرسي و المتخصصين في إعادة التربية على أن تتم عملية التدخل على النحو التالي :
ـــ يشرح المدرس للأخصائي النفسي أو المرشد النفسي ، طبيعة الصعوبة أو الصعوبات التي يعاني منها التلميذ .
ـــ يفحصه الأخصائي للبحث عن الأسباب و اقتراح الحلول .
ـــ أما المتخصص في إعادة التربية فسيحاول علاج الإعاقة بما يلائم من أنشطة و تداريب . على أن تمارس إعادة التربية هذه ، داخل المدرسة و خلال أوقات الدراسة . .( محمد الدريج " الدعم التربوي وظاهرة الفشل الدراسي "منشورات رمسيس، الرباط، 1998 ) .

6- حالة التلميذ الذي يعاني من صعوبات خطيرة :

إذا لم تكن حصص الدعم في إطار توزيع الزمن العادي كافية لتدارك التخلف لدى التلميذ ، ففي هذه الحالة يمكن أن يوجه التلميذ و منذ مرحلة روض الأطفال إلى المؤسسات المتخصصة .
و يقوم بتشخيص حالات عدم التكيف كل من :
ـــ المعلم ؛
ـــ الأخصائي النفسي ( المرشدين) ؛
ـــ طبيب قسم الصحة المدرسية .
و تقوم لجنة التربية الخاصة سواء على مستوى الروض أو الابتدائي بدراسة ملفات الأطفال غير المتكيفين دراسيا . و تقوم هذه اللجنة التي يرأسها مفتش من الأكاديمية ، بدراسة الملف و ترشد الأسرة و تساعدها على مواجهة المشاكل التي تطرح نتيجة تغيير التلميذ للمؤسسة مثلا ، و تقرر بموافقة المدرسة ، نقل التلميذ إلى المؤسسة الخاصة .

7- التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقون ):

و في هذه الحالة يمكن أن تواجه المدرس ثلاثة أنواع من الإعاقة :
ـــ إذا تعلق الأمر بإعاقة خفيفة و بالإمكان علاجها ، يوجه التلميذ في هذه الحالة إلى قسم التوافق سواء في الروض أو في التعليم الابتدائي . و يتألف هذا النوع من الإعاقة عموما ، من صعوبات في النمو الجسمي أو العقلي أو الانفعالي ( العلائقي ) .
و في نهاية كل سنة دراسية تقوم المؤسسة بجرد عام للتقدم الحاصل و تقرر فيما اذا كان التلميذ سيستمر في الاستفادة من قسم التوافق .
- النوع الثاني من الإعاقة في إعاقة كبيرة ومستمرة نسبيا وفي هذه الحالة يوجه التلميذ نحو صف الإصلاح أو للتعليم الخاص حيث يتلقى تعليما ملائما.
- أما إذا تعلق الأمر بأطفال يعانون من إعاقة خطيرة ففي هذه الحالة يوجه الطفل نحو مؤسسة طبية تربوية لإعادة التربية والتربية الحسية الحركية.

الدعم التربوي في الممارسات الانجلوسكسونية :

- إن البلدان الانجلوسكسونية مقارنة مع فرنسا مثلا ، كانت سباقة للاهتمام بموضوع الدعم التربوي ، سواء على مستوى البحث الأكاديمي أو على مستوى التطبيق و الممارسة الميدانية . فتجمعت لديها بسبب ذلك ، ذخيرة هامة من النظريات و النماذج كما تراكمت حصيلة كبيرة من التجارب و الممارسات حول الموضوع ، سيكون من الصعب تقديم خلاصة تركيبية عنها في هذه العجالة .
- على أن الاهتمام بموضوع الدعم لم يكن يشكل دائما موضوعا خاصا و مستقلا ، بل كان يعالج في الغالب الأعم بشكل مندمج و ضمن نماذج تربوية شاملة ، تهدف إلى الرفع من جودة التعليم ، كما تعمل على التوقع و التنبؤ بحدوث الفشل الدراسي و بالتالي وضع خطط و استراتيجيات للوقاية منه و مواجهة الصعوبات في حينها و قبل فوات الأوان .
- ثم هناك صعوبة أخرى تكمن في أن ما يميز المدارس في العالم الانكلوسكسوني هو عملها بمبدأ الجهوية و احترامها لتقاليد اللامركزية سواء في تخطيط المناهج أو في تنظيم الحياة الدراسية داخل المؤسسات التعليمية ... فهي لا تلتزم بأسلوب واحد و لا بخطة وحيدة مفروضة من السلطات المركزية ، على عكس الوضعية في النظام التعليمي الفرنسي و الذي نعتبره متخلفا بهذا الصدد ، لذلك تعددت التجارب لديها و التي مكنت من ظهور نماذج و تطبيقات كثيرة و متنوعة ، سيكون من الصعب عرضها في هذا السياق . و لكن و على الرغم من ذلك ، سنقدم بعض النماذج و التجارب التي حاولت العمل بنظام الدعم التربوي ، بشكل مباشر أو غير مباشر و ضمن خطط شمولية ، للرفع من مستوى فاعلية و أداء المؤسسات التعليمية .
من هذه النماذج سنتوقف عند ثلاثة منها و هي :
1 ــ نموذج التدريس الإتقاني Mastery Learning
2 ــ نموذج تفريد التعليم Individualizing Instruction
3 ــ برامج التربية التعويضية ( البديلة ) Compensatory Education

1 ــ بالنسبة للنمط الأول ، أي نموذج التدريس الإتقاني ، عرف نوعا من الانتشار على يد باحثين مرموقين أمثال كارول Carroll و بلوم Bloom و بلوك Block و غيرهم .
و تعمل نظريتهم البيداغوجية على دمج خطط الدعم التربوي في صلب النشاط التعليمي للمدرس ، بحيث يكون الدعم متزامنا و مواكبا لنشاط التدريس ، بقدر ما يعمل على الرفع من جودة التعليم فانه يساعد تخطي المشاكل و خاصة تلك التي يعاني منها المتعثرون من التلاميذ ، في حينها و قبل فوات الأوان .
ينطلق هذا النموذج من التسليم بأن التلاميذ أو على الأقل معظمهم ، قادرون على تعلم جميع الوحدات الدراسية المقررة و إتقانها ، إذا و فرنا لهم الفرصة لذلك ، أي إذا و فرنا لهم الوقت الضروري و هيأنا لهم الظروف الملائمة للتحصيل و تجنبنا الأخطاء التي عادة ما يسقط فيها الأسلوب التقليدي في التدريس .
كما تجدر الإشارة إلى أن نموذج التعلم الإتقاني ينصح باللجوء إلى بعض الوسائل و التقنيات التي تساعد في التدريس و على تصحيح عملياته ، من مثل : حلقات درس تضم مجموعات صغرى من المتعلمين ، و التعليم الفردي الخصوصي ، و الوسائل التعليمية البديلة مثل كتب المطالعة التكميلية و دفاتر التمارين ، و التعليم المبرمج ، و المعينات السمعية ــ البصرية و الألعاب التعليمية ... شريطة أن تستثمر هذه الوسائل على النحو المطلوب .( محمد الدريج " الدعم التربوي وظاهرة الفشل الدراسي " الرباط، 1998 ) .

2 ــ نماذج تفريد التعليم :

ظهرت جهود منهجية لتفريد التعليم في بداية الستينات بالولايات المتحدة الأمريكية و أسفرت عن اقتراح مجموعة كبيرة من الاستراتيجيات التربوية في تخطيط برامج محددة ، لها قدرة كبيرة على تفريد التدريس ، تتفق كلها رغم ما بينها من اختلافات ، على هدف واحد و هو تحقيق تعليم يؤكد ايجابية المتعلم و يراعي خصائص و حاجيات المتعلم ، و من هذه البرامج :

ـــ برامج التعليم المشخص للفرد :

و تتميز هذه البرامج بأنها تقدم للمتعلم وحدات محددة التنظيم و التتابع ، ثم يترك له حرية التقدم وفق سرعته الخاصة . فبينما يستطيع بعض التلاميذ الانتهاء من دراسة و حدتين أو ثلاث في أسبوع واحد ، قد يمضي غيرهم ثلاثة أسابيع في وحدة واحدة .
و قد وضع هذا البرنامج في مركز بحوث تطوير التعلم بجامعة بتسبورج في بنسلفانيا University Pittsburgh ( Pensylvania) و كان من أهم منشطيه روبير جلاسير Robert Glasser و طبق خلال السنة الدراسية .1964- 1963

ـــ برامج التربية الموجهة للفرد :
و هي برامج توفر بيئة تربوية من شأنها مساعدة الفرد على التعلم بالسرعة المناسبة و بالطريقة التي تلائم خصائصه و إمكانياته .

ـــ الحقائب و الرزم التعليمية : Learning Packages
و في هذا الإطار ابتكرت مدارس نوفا Nova في ولاية فلوريدا رزم النشاط التعليمي ، و تركز هذه الرزم على تهيئة ظروف تعلم مثالية لكل متعلم عن طريق توفير بدائل متعددة تتيح لكل متعلم فرصة اختيار ما يناسب قدراته و ميوله .

ـــ برامج التعلم طبقا للحاجيات :
تمتاز هذه البرامج بكونها تقدم للمتعلم بدائل و اختبارات متنوعة من الأنشطة و الوسائل . و قد نشطت هذه البرامج ابتداء من سنة 1967 ، في 13 مقاطعة دراسية من بعض الولايات و منها كاليفورنيا و ماساشوسيط ، و نيويورك ، و بنسلفانيا و غيرها ، في المجالات الدراسية التالية : اللغة ، الفن ، العلوم الطبيعية ، الرياضيات ، الدراسات الاجتماعية . و كان من روادها فلاناكان Flanagan على أساس أن بعض تلك الأنشطة قد تكون مناسبة لبعض التلاميذ .
( نراجع بهذا الخصوص : حسن حسيني جامع : " التعلم الذاتي و تطبيقاته التربوية " ، 1986 ) .

3 ــ برامج التربية التعويضية ( البديلة ) :
( Compensatory Education)
كما تطورت منذ سنة 1964 بعموم الولايات المتحدة الأمريكية ، برامج عديدة فيما سيعرف بالتربية التعويضية ( البديلة ) بسبب تزايد المشاكل التي يطرحها أبناء الجماعات المهمشة ( الملونون ، الأقليات ، الجاليات ... ) و خاصة ما ارتبط منها بالفشل الدراسي و الذي يصيب بنسب جد مرتفعة أبناء الفئات الدنيا و المحرومة من المجتمع الأمريكي و التي تشكل ما بين 10 و 30 % و المؤلفة من سكان ضواحي المدن و الأحياء الهامشية . الأمر الذي دفع بالمسئولين ، لأسباب إنسانية و لكن أيضا لأسباب اقتصادية و سياسية و ربما انتخابية ، للعناية بهذه الفئة من الأطفال ، و وضع خطط و برامج للتربية البديلة و التي يقصد بها مختلف الأنشطة التربوية المكملة للنقص الذي يعاني منه أطفال الفئات الضعيفة من المجتمع .
ففي بديلة أو تعويضية لأنها تسعى إلى تعويض القصور الذي يعود إلى الظروف الصعبة و ظروف الحرمان التي يعاني منها التلميذ القادم من تلك الفئات .
و قد اتخذت هذه البرامج و جهتين ( أو نمطين ) :
1 ــ نمط عرف ب Headstart و الذي يهدف إلى تصحيح الفشل الدراسي بتقديم عون تربوي و دعم معرفي إضافي .
2 ــ و نمط Fllow- Through و الذي يتميز باللجوء إلى أنشطة أكثر شمولية تهدف إلى تقوية الدافع لدى الأسر نحو المدرسة و الدراسة بشكل عام .


الدعم التربوي من خلال الوثائق الرسمية في سلطنة عمان:

1 - برنامج معالجة صعوبات التعلم في المدارس :

ينطلق هذا البرنامج أساسا من تعريف فئة ذوي صعوبات التعلم والتمييز بينها وبين فئات أخرى مثل بطيئي التعلم وفئة المتخلفين دراسيا...
والطلاب الذين يعانون من صعوبات نوعية في التعلم ، حسب الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في السلطنة، "هم في العادة تلاميذ عاديين من حيث القدرات العقلية أو ذوو ذكاء مرتفع ولا يعانون من أي إعاقات سمعية أو بصرية أو حركية وانفعالية ومع ذلك يعاني هؤلاء من صعوبات واضحة في اكتساب واستخدام مهارات الاستماع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة , أو أداء العمليات الحسابية الأساسية ..." كما تميز تلك الوثائق بينهم وبين فئة بطيئي التعلم الذين يتميزون عادة بانخفاض القدرات العقلية أو تعرضهم للحرمان الثقافي والاجتماعي والاضطراب الانفعالي .
وقد تم تصنيف صعوبات التعلم إلى مجموعتين على النحو التالي : -
* صعوبات التعلم النمائية : وتتمثل بالعمليات المعرفية المتعلقة بالإدراك والذاكرة والانتباه و التفكير ...
وهذه العمليات يعتمد عليها التحصيل الأكاديمي , وأن أي اضطراب أو خلل يصيب واحدة أو أكثر من هذه العمليات ، يفرز بالضرورة العديد من الصعوبات الأكاديمية . ولذا يمكن التأكيد أن الصعوبات النمائية هي منشأ الصعوبات الأكاديمية , والمسبب الرئيسي لها .
* صعوبات التعلم الأكاديمية : وهي صعوبات تتعلق بالأداء المدرسي المعرفي الأكاديمي والتي تتمثل في الصعوبات المتعلقة ب(القراءة ,,الكتابة ,, التهجي ,,الحساب ) .
ومن خصائص الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم :
- النشاط الزائد
- الاندفاع والتهور
- ضعف التآزر العام
- الفشل المدرسي في مادة دراسية .
- ضعف في الحركات الكبيرة والصغيرة.
- ضعف التعبير اللغوي.
- اضطرابات الانتباه.
- عدم الاستقرار العاطفي.
- اضطرابات الذاكرة القصيرة والبعيدة .
- الاضطرابات العصبية البسيطة .

2 - مبادئ أساسية للتدريس العلاجي للأطفال ذوي صعوبات التعلم :

إن التعليم الفعال يتطلب تفريد التعليم ( التعليم الفردي )ويستدعي ذلك رسم خطه تربوية فردية تسند على مبادئ تربوية ونفسية يمكن حصرها في التالي :
- يجب إخضاع الطفل إلى اختبارات تشخيصية لتحديد نقاط القوة والضعف لديه . يجب أ، تصاغ خطة التدريس بناء على مستوى الأداء الحالي للطفل , وأن تكون لها أهداف عامة وخاصة تسعى لتحقيقها .
- يكون التدريس على مراحل مناسبة مع قدرات الطفل مع الاعتماد على التغذية الراجعة أثناء التدريب .
- يجب أن ، يتم التدريس بشكل متدرج من السهل إلى الصعب , و بدافعية مستمرة من خلال أن يشعر الطفل بالنجاح فيما يدرسه ( لأن النجاح جزء من المهمة التعليمية لهؤلاء الأطفال ) .
- يجب إعادة تذكير الطفل بالأشياء التي تعلمها من قبل من خلال إعادة تدريس المهارات و الكفايات التي لم يتقنها اتقانا كاملا , مع تعميم المعلومات التي تعلمها في مواقف جديدة ومختلفة .
- يجب تقديم المادة العلاجية بشكل تكون مناسبة للطفل ومشوقة وحديثه ومتنوعة وأن تكون ضمن قدراته وليس كعمل معجزا له , وأن لا يتم الانتقال من مستوى إلى آخر بدون تقييم وتسجيل الملاحظات والمقارنة بين نتائج التقييم , وأن يتم تجزئة المهارات إلى أقل جزئية ممكنة وصولا نحو إتقان المهارات.
- يجب ربط المعلومات بواقع الطفل وحياته اليومية وبيئته التي يعيش فيها , وأن تعطى التوجيهات له بأسلوب بسيط حتى يتمكن من استيعابها , وأن يتسم المعلم بالصبر والمرونة وهدوء الأعصاب وأن لا ييأس من التقدم البطيء للطفل حتى يستطيع أن يكسب ثقة الطفل .
- ينبغي تلبية حاجات الطفل حين يطلب المساعدة وأن يستمر في توجيهه خلال أداء الواجبات , وأن ينهي المعلم الواجب بملاحظات إيجابية قدر الإمكان .
( وزارة التربية والتعليم،المديرية العامة للمناهج ، " المستجدات التربوية في مجال المناهج واستراتيجيات التدريس " ،2005، مسقط ).

3- كيفية التعامل مع تلاميذ صعوبات التعلم :

يتم التعامل مع التلاميذ ذوي صعوبات التعلم وفق مستوى الصعوبة لديهم ( بسيطة . متوسطة . شديدة ), وفي ضوء ذلك يتم تحديد برنامج العلاج لديهم وموقع التنفيذ وذلك وفق الخيارات التالية :
* تنفيذ البرنامج العلاجي داخل الصف(الفصل أو القسم) العادي للتلميذ : وينفذ هذا الخيار بحق التلاميذ الذين لديهم صعوبات بسيطة . حيث تقوم معلمة الصف العادية بتنفيذ ومتابعة التلميذ وذلك بدعم من معلمة صعوبات التعلم , حيث تشترك المعلمتان في صياغة البرامج العلاجي ومراحل تنفيذه , ويتمثل دور معلمة الصعوبات بنقلها الأفضل المهارات إلى معلمي الصفوف العادية وتيسيرها للتعليم وتقديمها للخدمات الاستشارية من خلال زيارتها اليومية أو الأسبوعية , مع التأكيد على ضرورة تخطيط هذه الزيارات لتجنب إرباك ومقاطعة نشاطات معلمة الصف العادي التي تظل هي المسئولة الأساسية عن تعليم الأطفال و تفعيل البرنامج وتحقيق مكاسب أكاديمية مثيرة وكبيرة .
* تنفيذ البرنامج العلاجي داخل غرفة خاصة بالمدرسة : ويقضي التلاميذ ذوي الصعوبات التعليمية المتوسطة والشديدة في هذا النمط من الخدمة التربوية فترات زمنية محددة مثلا ( 45 : 60 دقيقة )يوميا , على أن يكونوا باقي اليوم الدراسي في صفهم العادي . وتعمل معلمة صعوبات التعلم بصورة وثيقة مع معلمي الصفوف لتنسيق البرامج التدريسية والعلاجية للتلاميذ والاتفاق على الخطة والبرنامج الزمني المناسب .


خاتمة ومقترحات

تعد أنشطة الدعم التربوي و ما تعتمده من وسائل و تقنيات ، الإجراء التربوي الأكثر ملاءمة و شيوعا في نطاق تعميق الفهم و تطوير المهارات و ترسيخ المكتسبات بين فئات التلاميذ على اختلاف مستوياتهم ، و في جميع مراحل التعليم و أطواره بهدف تمكينهم من فرص إدراك مواطن ضعفهم ، و إبراز قدراتهم الحقيقية ، و تقليص التباعد بينهم و تلاقي ما قد يعترض بعضهم من صعوبات و معيقات .
و من ثم ، فان عملية الدعم مهما اختلفت صيغها أو الحالات التي تهتم بمعالجتها ، ترمي في بعدها الوظيفي ، إلى تطوير المردودية العامة لمجموع الصف الدراسي و تجاوز أشكال التعثر أو التأخر التي تم تشخيصها باعتبارها عائقا أساسيا أمام سير عملية التعليم سيرا طبيعيا .
و غني عن البيان أنه من الضروري أن تكون عمليات الدعم مواكبة لتنفيذ الدروس و الوحدات ومندمجة معها، و أن نتائجها تكون أكثر ايجابية كلما أجريت في وقت مبكر من الحياة الدراسية . كما أنه من المؤكد أن هذه العمليات تستدعي أولا و قبل كل شيء قيام مختلف الأطراف الفاعلة في العملية التعليمية بتنفيذ جيد للمنهاج بجميع مكوناته و الحرص على تمكين كل المتعلمين من فرص حقيقية للتعلم .
ذلك أن حصر التدعيم في مراجعة الدرس يؤدي إلى السقوط في الممارسات التقليدية. فأسلوب مراجعة الدرس في نهايته ليس شيئا آخر غير تكرار نفس الدرس بنفس الطرق التي سبق إتباعها .
كما ينبغي أن يواكب الدعم عملية التقويم ، أي أن يواكب الفعل التربوي منذ بدايته إلى نهايته و أن يسير بشكل مواز لعملية التقويم التي هي بمثابة الكاشف عن مواطن الخلل و النقص . فالدعم ينبغي أن يواكب التقويم التشخيصي و التكويني و الإجمالي و أن يقوم بسد الثغرات التي قد يكشف عنها ، و ذلك خدمة لتحقيق نوع من المساواة إزاء العملية التربوية و تحقيق ما يسمى بالتدريس الإتقاني.
كما ينبغي الاهتمام كثيرا بالتشخيص و بالمؤهلين للقيام به ، لأن التشخيص ضروري كممارسة علمية من شأنها أن تضبط أسباب التعثر و الفشل الدراسي و نوعيته و درجة خطورته ، و يحتاج إلى استعمال تقنيات و اختبارات ( روائز ) من أجل تقويم إمكانيات التلاميذ و إنجازاتهم و ضبط صعوبات التحصيل لديهم ، مما يساعد كثيرا في اختيار انسب أساليب الدعم والعلاج.


شروط الاختبار الجيد

شروط الاختبار الجيد
الـمـقدمة

يعد الاختبار الجيد أهم وسائل القياس النفسي و التربوي و علية لا بد ان تكون أداة القياس سليمة حتى يمكن الاطمئنان إلى نتائج الاختبار و هذا فقد جمع المشتغلون بالعلوم النفسية و التربوية على عدد من الشروط و المعايير و الصفات المهمة التي تحدد صلاحيات الاستخدام للاختبار و يتوجب توفرها فيها لذلك سوف أتناول في هذا البحث البسيط عن هذه الشروط و المعايير المهمة و التي تتمثل بالصدق و الشمول و الموضوعية و التمييز و التقنيين و الصدق و الثبات
سوف أتناول في هذا البحث البسيط عن موضوع مهم في عملية القياس و التقويم و هو صفات الاختبار الجيد ، تعد المعايير من الصفات المهمة التي تحدد صلاحية الاستخدام للاختبار و هي تتمثل :
1 – الصدق ( validity ) : صفة مهمة للاختبار الجيد بحيث تشير مفهومها إلى الصدق في التوعية و النسبية .
2 – الثبات ( reliability ) إن الاختبار يعطي نتيجة ثابتة إذا طبق أكثر من مره تحت نفس الظروف .
و على نفس المجموعة
3 – الشمول ( holistic ) أن يتضمن الاختبار التي يناولها مادة الاختبار
4 – الموضوعية ( objectivity ) عدم تأثر عملية التصحيح بالعوامل الشخصية ، نظرا لأهمية هذا الموضوع في عملية القياس و التقويم سوف نتطرق إليه بنوع من التفصيل .
5- التقنين .
إذا توفرت هذه الخصائص في الاختبار يصبح هذا الاختبار جيد و اعني بذلك انه صالح لمقياس الوظيفة المراد قياسها بحيث انه يكون جيد من حيث الموضوعية و الصدق و الثبات .

الموضوعية ( objectivity ) :
و يقصد به عندما نضع اختبار يجب أن نتجنب النواحي الذاتية في وضع الاختبار انه من المهم أن نتجنب هذا و السبب في ذلك أن بعض المعلمين لديهم قرارات سابقة لعلامات الطالب قبل القيام بتصحيح الإدارة ، قد تكون هذه العلامة عالية أو منخفضة .
و يقصد بذلك هو أن يعطي المعلم رأيه أو حكمه الشخصي قبل عملية التصحيح و كما تعني أيضا أن يكون جواب المفحوص محدد ، بحيث لا يختلف عليه اثنين و كي تحقق الموضوعية كمدرسين في مجالنا يجب أن نهتم بنقاط مهمة و هي :-
1 ) عندما نقوم بوضع أسئلة الاختبار أن يكون شامل للمحتوى الذي تناوله الطلبة .
2 ) أن يتصف الاختبار بالوضوح عند وضع الأسئلة و لا يكون فيها أي غموض .
3 ) و انه من المهم عند وضع الاختبار أن يراعي الفروق الفردية للطلبة .
4 ) و أن تكون لغة الاختبار مصاغة بطريقة سهلة و مفهومة للطالب .
و من خلال هذه الصفة نعتمد نحن المدرسين عليه بالتعرف على تحليل الطلبة و لكي يتحقق ذلك يجب أن نبتعد عن الذاتية في التصحيح .

التقنين :
إن الاختبار المقنن هو الاختبار ذو القواعد الواضحة المحددة سواء في بذوده أو شروط تطبيقه يعد الاختبار المقنن أفضل الاختبارات التي يطمئن الباحث أو المعلم إلى نتائجها لأن الاختبار المقنن يقصد به أنه يعطي نتائج متماثلة حتى إذا طبق على أفراد مختلفين و لابد للاختبار المقنن أن يستند إلى معيار norm و من أمثلة هذا النوع من الاختبارات اختبارات ستانفورد بينيه للذكاء و اختبار ويكسلر للذكاء أيضاً و يصعب تحقيق هذا الشرط في الاختبارات الصفية التي يقوم المعلم بوضعها كاختبارات الشهور مثلاً و لكن يحتاج الباحثون في الميادين التربوية و النفسية إلى استخدام الاختبارات المقننة في الدراسات التي يقومون بإجرائها كما يضطرون أحياناً إلى وضع اختبار مقنن كدراسة كاملة و لهذا النوع من الاختبارات قواعد معينه لتطبيقه يجدها الباحث مدونه في تعليمات الاختبار و على ذلك فالاختبار المقنن هو الاختبار الذي يطمئن الباحث إلى ثباته و صدقه ووضع معايير له كما سنورد فيما بعد .
الصدق ( validity ) :
تعتبر صفة مهمة للاختبار الجيد و يقصد به هو أن يقيس الاختبار ما صمم لقياسه أو ما اعد من اجل قياسه فعلا و يعني بذلك قياس الوظيفة المخصصة لقياسها دون أن أقيس وظيفة أخرى إلى جانبها أو بدلا منها و يكون الصدق ام نوعي يقيس نوع من الوظائف بشكل صحيح و كي يعطي نتائج صادقة أما إذا تناول الفاحص ام المقيم وظيفة أخرى سوف تكون نتائج الاختبار غير صادقه و مثال على ما أقول :
عندما يضع معلم الحساب الاختبار للصف الرابع الابتدائي و اختبرنا فيه طلبة الصف الرابع الابتدائي لوجدنا علامة الصف الرابع تندرج من ( الصفر – 100 ) بمعنى هذا الاختبار قد ميز بين مستوى الضعيف أو القوي للطلبة .
و أن هذا الاختبار قد صمم لقياس تحصيل الحساب عند الصف الرابع أما إذا استخدمنا هذا الاختبار في قياس التحصيل لمرحلة أخرى و لتكن الصف الأول الابتدائي فهذا يعني انه سوف يعطي درجات غير صادقة و يكون العيب هنا في الأداء نفسها و أيضا يكون الاختبار الصادق ( صادق نسبي ) هنا يكون الاختبار صادق بالنسبة للجماعة و لا يكون صادق بالنسبة لجماعة أخرى مثال على ذلك :
إذا وضعنا اختبار الصف الرابع لا يمكن أن نعطي مثلا لطلبة آخرون مثلا لطلبة الصف الثاني إلا في حالة أن تكون المجموعة الثانية لديها نفس العقلية و الخبرة التعليمية و الثقافية لمجموعة الطلبة التجريبية .
و أقصد به هو النظام العام للاختبار من حيث نوع المفردات و صياغته ووضوح تعليمات الاختبار أي أنه صورة عامة عنه و عن درجة موضوعياته و يسمى أيضاً بالشكل .
و لديه خصائص و مميزات تتصف به :
- النسبية / أي أنها تناسب مجموعة أفراد و لا تناسب الأفراد الآخرين .
النوعية / و اقصد به أنه يقوم على أساس أو وظيفة التي صمم لأجله .

من أنواع الصدق :

• الصدق الظاهري
• المفهوم
• المنطقي
• العاملي
• التنبؤي
• البنائي
• المعياري



أولا الصدق الظاهري :-
يمثل هذا النوع من الصدق في الشكل العام للاختبار و مدى انتمائه للمجال أي أنه يتلاءم مع الغرض الذي وضع من أجله الاختبار و يمكن التأكد من هذا النوع من الصدق من مجرد الفحص الظاهري لمفردات الاختبار فالاختبارات التي تقيس القدرة الحسابية لابد أن نلحظ تغلب الجوانب العددية و العمليات الحسابية بدلاً من الصياغة اللغوية الخالية من الأعداد و عموماً فهو أقل أنواع الصدق أهمية و قد يلجأ بعض الباحثين إلى إخفاء هذا النوع من الصدق خاصة إذا كانت الظاهرة المقاسه تطلب سبرغور جانب من جوانب النفسية التي يتحرج المفحوصون من الإجابة عليها بصورة مباشرة مثل الاختبارات قياس بعض سمات الشخصية .
و يعني ذلك أن يكون الاختبار معروف من خلال العنوان و تصفح في فقراته و الفئة الذين يستفيدون منه هم المعلمون و الذين يعملون في بنوك الاختبار و أن هذا النوع من أنواع الصدق نحكم عليه بصورة شكلية .

ثانيا الصدق المنطقي :
و يعرف هذا النوع من الصدق أحياناً بصدق المحتوى أو صدق المضمون و يتضح من خلال مدى جودة تمثيل مفردات الاختبار للظاهرة أو المواقف أو المادة المراد قياسها .و يعد هذا النوع من الصدق على جانب كبير من الأهمية بالنسبة لقياس التحصيل و الكفاءة و كذلك لقياس السلوك الاجتماعي المبني على مواقف منتقاة و من الطرق المفيدة لتحقيق هذا النوع من الصدق هو النظر إلى مفردات الاختبار على أنها تمثل تعريفاً لتحصيل المراد قياسه من خلال الاختبار ففي حالة اختبار التحصيل الأكاديمي يمكن النظر إلى محتوى الاختبار على أنه تعريف لواحد أو أكثر من الأهداف التعليمية و يتم ذلك بتحليل السمة المراد قياسها ثم وضع المفردات التي تمثلها تمثيلاً تاماً بحيث يتناسب أوزان المفردات مع أهمية كل جانب من جوانب هذه السمة .
إن المعلم عندما يقوم ببناء الاختبار يكون هذا الاختبار أو يشمل هذا الاختبار من المحتوى الذي يتناوله الطلبة خلال وحدة مدرسية ، فصل دراسي .

ثالثا الصدق البنائي :
و يتم هذا النوع من الصدق بفحص الخواص التي تقيسها الاختبار أي بتحديد الدرجة التي تفسر بناء المفاهيم التي تبرر الأداء على الاختبار و يتطلب الصدق البنائي خليطاً من العمل المنطقي و الميداني فدراسة الصدق البنائي تدفع الباحث إلى فحص النظرية التي تمكن وراء الاختبار ذاته و يشتمل هذا الإجراء على ثلاث خطوات أولها أن الباحث يستفسر ما الفروض التي يمكن صياغتها اعتماداً على هذه النظرية بخصوص سلوك الأفراد ذوي الدرجات المرتفعة و أولئك ذوي الدرجات المنخفضة ثم يقوم ثانياً بجمع البيانات لاختبار صحة هذه الفروض و ثالثاً يقوم بعمل استنتاج في ضوء الدليل المتجمعة لديه و إذا أخفقت النظرية في تبرير البيانات التي لديه فعليه مراجعة بنود الاختبار .

رابعا الصدق المفهوم :
و يعتمد صدق المفهوم هنا على صدق الافتراضيات و النظريات و المفاهيم التي من خلالها نبني عليها وضع الاختبار .

خامسا الصدق العاملي :
و يقوم هذا النوع من الصدق على أساس قياس مدى تشبع الاختبار بالظاهرة أو السمة التي يقيسها الاختبار عن طرق التحليل العاملي للعوامل لتحديد أقل عدد ممكن من هذه العوامل يمكن اعتباره مسئولاً عن حدوث الظاهرة ويحتاج الباحث هنا إلى عدد من الاختبارات التي تقيس نفس الظاهرة بالإضافة إلى الاختبار الذي قام بوضعه ثم يحسب معاملات الارتباط لحساب درجة تشبع الاختبار بهذه الاختبارات ككل و التي تقيس نفس السمة و الصدق العاملي هنا هو معامل الارتباط بين العامل الذي أمكن استخلاصه بواسطة التحليل العاملي و بين هذا الاختبار .
و تعتمد في هذا النوع من الصدق على أننا نقيس الارتباط الداخلي بين جوانب الاختبار فكلما كانت متصلة دل أن الاختبار يقيس الوظيفة التي صممت من اجله .

سادسا الصدق التنبؤي :
في هذا النوع من الصدق نحكم عليه من خلال النتائج التي نتنبأها مستقبلا مثل نجاح النتائج الثانوية العامة تتعلق لمستوى النجاح في الجامعة و من خلال هذا النوع يستخدم طريقة حساب النسب المئوية أو معادلة سبريمان .

سابعا الصدق المعياري :
و يعرف هذا النوع من الصدق أحياناً بالصدق التجريبي أو المحك الخارجي بحيث تقارن درجات الاختبار باختبار مرجعي مقنن يقيس نفس السمة أو الظاهرة موضوع القياس بحيث تتم هذه المقارنة في جدول يعرف بجدول التوقع أو بحساب الارتباط بين درجات الاختبار المحك الخارجي ذاته و لذا يفضل إختيار محك خارجي ذي صدق مرتفع . و يستخدم هذا النوع من الصدق ليس فقط لحساب صدق الاختبار و لكن أيضاً للتنبؤ مثل التنبؤ بالنجاح في المهنة و ردود الأفعال لمواقف معينه مثل إذا طبقنا اختباراً على الطلاب التعليم الصناعي بكلية التربية في قدرتهم على إصلاح التكييف و اجتازوا هذا الاختبار فتتنبأ بالتالي بنجاحهم في أداء هذا لسلوك مستقبلاً .
إن هذا الاختبار يكون صادق من خلال أن يمارس المفحوص هذا الاختبار على ارض الواقع و في هذه الحالة بحسب الارتباط بين العلامات الاختبار و التقديرات التي نعطيها للمفحوصين الذين طبق الاختبار عليهم فإذا كان الارتباط عاليا بعني أن هذا الاختبار صادق تجريبيا .

العوامل التي تؤثر في الصدق الاختبار :

• عوامل متعلقة بالتلميذ
• الاختبار
• بإدارة الاختبار
أولا : العوامل المتعلقة بالتلميذ :
( 1 ) اضطراب التلميذ بالاختبار .
( 2 ) جدية المفحوص أو استهتاره .
( 3 ) العادات السيئة في الإجابة .
ثانيا : العوامل المتعلقة بالاختبار :
من حيث أن لغة الاختبار غير واضحة و من حيث الأسئلة قد يكون فيها غموض و سهولة الأسئلة و صعوبتها حيث طبعة الأسئلة و العلاقة بين الأسئلة و ما يعلمه الطالب .
ثالثا : العوامل المتعلقة بإدارة الاختبار :
منها العوامل الطبيعية كالحرارة و البرودة و الرطوبة و عوامل متعلقة بالتعليمات غير واضحة و أيضا قد يستخدم الاختبار في غير ما وضع له ، و عوامل متعلقة بالطباعة .
الثبات Reliablity :
تعتبر صفة الثبات من أهم صفات الاختبار الجيد لأنه نادر ما يكون هذا الاختبار متوفر فيه صدق الاختبار فيعتبر الصدق شرط من شروط الثبات لذلك يجب أن يكون الاختبار صادق و ثابت بنفس الوقت فتكون النتائج متقاربة لدى الطلبة أما إذا كان الاختبار يمتلك نفس الثبات فقط و لا يمتلك صفة الصدق سيكون هناك انخفاض في معدل الصدق و الثبات .
و يقصد به من ناحية أخرى استقرار النتائج و يعني أن تكون النتائج ثابتة فيما إذا كرر القياس في بعض الأفراد حتى بعد فترة و يعني الموضوعية و يقصد بها عدم تأثر النتائج بصورة جوهرية حتى لو تغير المصحح ، و يعني الإنصاف و يقصد ب هان علامة الطالب على جزء من الاختبار تكون مرتبطة ارتباط بعلامة على الاختبار ككل .
طرق قياس الثبات :
• إعادة الاختبار
• طرق الصورة المتكافئة
• الاختبار النصفي

أولا إعادة الاختبار :
عندما نقيس طرق حساب الثبات نبدأ بطريقة إعادة الاختبار من اجل أن نعرف درجة الثبات على مجموعة من الطلبة ثم نحسب درجتهم و بعد فترة زمنية نقوم بإعادة نفس الطلبة و في نفس الظروف ثم نحسب درجاتهم في المرة الثانية ، هنا نحسب الارتباط بين النتائج في المرتين فإذا كانت مرتفعة دل أن الثبات مرتفعة و إذا كان الارتباط منخفض دل العكس و تعتبر هذه الطريقة سهلة عندما نقوم بحساب الثبات و على الرغم من سهولتها إلا أن لها عيوب و منها :
عيوب طريقة إعادة الاختبار :
1. عدم صلاحية هذه الطريقة لقياس ثبات الاختبارات التي تقيس التذكر و العمليات العقلية المماثلة و ذلك نتيجة لألفة المفحوصين ببعض بنود الاختبار مما يؤثر على دقة النتائج .
2. عدم القدرة على ضبط العوامل غير التجريبية في التطبيق البعدي للاختبار بحيث تكون مماثلة للتطبيق القبلي أو التطبيق الأول مثل الضوضاء و التي قد يتعرض لها المفحوصون و كذلك الإضاءة و الحالة النفسية و الجسمانية للمتعلمين أو المفحوصين و هي عوامل في مجملها لا يمكن إخضاعها للضبط التجريبي و قد تؤثر في دقة النتائج عند تطبيق الاختبار للمرة الثانية .
3. إن الفاصل الزمني بين التطبيق له أثره من حيث تذكر الأفراد لبعض مفردات الاختبار إذا كان الفاصل الزمني ضئيلاً و كذلك من حيث نمو الأفراد في جوانب مختلفة إذا زاد هذا الفاصل الزمني و لكن هناك حدود لهذا الفاصل الزمني بالنسبة للمفحوصين حسب مراحل عمرهم الزمني .
4. يضاف إلى ما سبق ما يتكبده الباحث أو مصمم الاختبار من جهد و وقت و مال عند تطبيق الاختبار مرتين
5. إن هذه الطريقة في معامل الثبات المحسوب تتأثر في عامل التعلم و يكتسب الطالب من خلال هذه الطريقة ( الإلفه ) و قد تكون هذه النتائج في المرة الثانية ليست مشابهة للمرة الأولى و تستخدم هذه الطريقة عند اختبارات الذكاء و السرعة و لكننا لا يمكن أن نستخدمها بشكل علمي في الاختبارات في عملية التذكر .

مميزات طريقة إعادة الاختبار :
1. تتغلب هذه الطريقة على طريقة التجزئة النصفية في أنها تعطي ثباتاً ممثلاً لكافة مفردات الاختبار أي ثبات الاختبار ككل و ليس نصف الاختبار .
2. كما تصلح هذه الطريقة لحساب ثبات الاختبار الموقوتة و غير الموقوتة .

ثانيا الصورة المتكافئة :
و تعد من طرق قياس الثبات حيث يعد الفاحص اختبارين متكافئين يقيسان السلوك نفسه و يطبقان هذان الاختباران على نفس المجموعة ثم يستخرج النتائج من الامتحان الأول و الثاني و يحسب الارتباط بين الصورتين فكلما ارتفع معامل الارتباط في النتيجتين دل على الثبات و تكافؤ الاختبارات مثلا :
أراد معلم الحساب أن يعد اختبار متكافئ فلابد أن يقوم بــ
( 1 ) أن يعد اختبار مكون من خمسين فقرة حول العمليات الأربع .
( 2 ) أن يعد اختبار مكون من خمسين فقرة حول العمليات الحسابية نفسها .
( 3 ) يطبق الاختبار الأول و بعد فترة زمنية معينة سواء ساعات أو أيام يطبق الاختبار الثاني .
( 4 ) يقوم بحساب تاريخ الاختبار الأول و الثاني .
( 5 ) يحسب معامل الاختبار بين نتائج الاختبار الأول و الثاني و بذلك يحصل على معامل الثبات للاختبار كلي
و برغم أنها تتصف بالدقة و تفضيل المعلمين لها إلا أنها تتصف بالدقة و تفضيل المعلمين لها إلا أنهم يجدون صعوبة بحصولهم على الاختبار بصورة متكافئة بمعامل الاثنين و جد صعوبة بالحصول بصورة متكافئة و لكن من رأيي و الآخرين أنها تتجاوز عيوب طريقة النصفي للاختبار .


ثالثا طريقة التجزئة النصفية :
طريقة ثالثة من طرق الثبات و في هذه الطريقة يقوم المعلم بوضع اختبار و يطبق على المفحوصين و لكن هذه الطريقة تختلف عن الطرق الأخرى لان المعلم يعمله كاختبارين لأنه يعطي علامة على نصف الأول من الاختبار و علامة أخرى على النصف الثاني بحيث يشكل النصف الأول فردية و الثانية زوجية و عندما يطبق الاختبار على مجموعة تجريبية يقوم المعلم بحساب معامل الارتباط على علامة النصف الأول و علامة المفحوصين و قد وجدنا من خلال هذه الطريقة أن معامل الثبات المحسوب تقل بعض الشيء عن معامل المحسوب بالطرق الأخرى و ذلك عندما نستخدم هذه الطريقة نصحح بواسطة معادلة سيبرمان ،،،
و أنها تمتاز باختصار الجهد و تجنب انتقال اثر التدريب و التذكر و النمو لان هذه الأسباب تعمل على تضعيف معامل الثبات .

مميزات طريقة التجزئة النصفية :
1. تضمن هذه الطريقة اتساق ظروف إجراء الاختبار الأمر الذي لا يتيسر مع بعض الطرق الأخرى مثل طريقة إعادة تطبيق الاختبار و ما قد ينتج عنها من ظروف داخلية متعلقة بالمفحوصين و أخرى خارجية مرتبطة بالبيئة الفيزيقية التي يتم إجراء الاختبار فيها .
2. تحد هذه الطريقة من الكلفة في إجراء الاختبار و تطبيقه دفعة و احده .
3. طريقة التجزئة النصفية اقتصاديا كذلك في الوقت إذا ما قورنت بإعادة التطبيق .
4. تتلاشى هذه الطريقة عيوب بعض الطرق الأخرى من ألفة المفحوصين ببعض بنود الاختبار .

عيوب طريقة التجزئة النصفية :
يمكن العيب الأساسي في هذه الطريقة أنها تقيس معامل ثبات نصف الاختبار باعتباره اختباراً كاملاً و لا يحسب الثبات من الدرجات التي يحصل عليها المفحوصون من الاختبار ككل .

العوامل التي تؤثر في ثبات الاختبار :
يتأثر ثبات الاختبار بعدد من العوامل التي يرجع إلى الاختبار ذاته و البعض الآخر إلى المفحوصين أو المختبرين و منها عدد أسئلة الاختبار ، و تجانس عينه المفحوصين من عدمه و غموض الأسئلة بين وضوحها و كذلك الحالة الصحية و النفسية للمفحوصين و ستناول هذه النقاط بشيء من الإيجاز فيما يلي :
1. طول الاختبار :
هناك تناسب طردي بين طول الاختبار و درجة ثباته فكلما زاد عدد مفردات الاختبار كلما زاد ثبات هذا الاختبار و لذا فإن من نواحي النقد الموجة إلى طريقة التجزئة النصفية أن ثبات الاختبار يقل عن ثبات الاختبار ككل أي أ الاختبار ذا المفردات الكثيرة الممثلة للظاهرة موضوع الدراسة أكثر ثباتاً من الاختبار الذي لا تمثل مفرداته عينه السلوك المقاس بصورة شاملة .
و يقصد أن يقوم المعلم بإعداد اختبار طويل من حيث فقراته فيكون هنا معامل الثبات يرتفع بزيادة أما إذا كانت فقراته قصيرة يعني أن يقل و من خلال طول الاختبار تعطى جوانب الوظيفة الخاضعة للقياس أيضا لا تخضع نتائجه للمنهج بالصدفة .
2. صدق الاختبار :
يزداد ثبات الاختبار بازدياد صدقة و لذا فإن الاختبار الصادق ثابت و لكن ليس بالضرورة أن الاختبار الثابت صادق .
لكي يكون الاختبار صادقا لابد أن يكون ثابت و أن يقيس الاختبار الوظيفة التي صمم لأجلها .
3. زمن الاختبار :
يتأثر ثبات الاختبار – خاصة الموقوتة – بزيادة الزمن المحدد لها بحيث لا يزيد عما ينبغي لأنه إذا زاد الزمن عما ينبغي أن يكون عليه الاختبار فإن معامل ثباته يتناقض في هذه الحالة .
4. التباين في مفردات الاختبار :
يزداد ثبات الاختبار بزيادة تباين مفرداته فالأسئلة المتباينة و المتدرجة في مستوى صعوبتها أسئلة شديدة الصعوبة تقلل من درجة ثبات الاختبار .
5. التخمين :
يؤثر التخمين تأثيراً على درجة ثبات الاختبار و قد ينجم هذا التخمين من الصعوبة الشديدة في بعض الأسئلة حيث يتذكرها الفرد و يسأل عنها بعد التطبيق الأول و من المحتمل بدرجة عالية أن يعطي إجابة صحيحة لها في التطبيق الثاني للاختبار مما يؤثر على درجة ثبات الاختبار .
6. العوامل الفيزيقية :
المتمثلة في جو الفصل الذي يطبق فيه الاختبار و تعرضه للضوضاء من عدمه فضلاً عن الحالة الجسمانية و النفسية للمتعلمين أو المفحوصين و هي من الأمور التي يصعب إخضاعها للضبط التجريبي كما بينا في نواحي سابقة .
7. تجانس المجموعة :
عندما يطبق الاختبار على مجموعة متجانسة من حيث الفئة العمرية و العلمية و عندما نعيد تطبيق الاختبار على نفس المجموعة لابد أن تتغير الدرجة و لو بمقدار بسيط هذا يؤدي إلى تقليل الثبات أما إذا كان العكس على مجموعة غير متجانسة يؤدي إلى ارتفاع معامل الثبات .
8. صعوبة الأسئلة :
عندما يضع المعلم اختبار سهل يكون هنا استهتارا من الطلب و أخطاء واردة إما إذا كان صعب يستخدم الفاحص التخمين أو الغش مما يؤدي إلى خلل الثبات و هناك عوامل أخرى مثل حالة الفاحص و أيضا أخطار العملية الإحصائية و اختلاف طرق حساب الثبات .

العلاقة بين الصدق و الثبات :

( 1 ) إن من خلال الدراسات و الأبحاث التي أجريت في مجالات القياس التربوي يمكننا القول أن العلاقة واضحة علاقة الجزء بالكل و ذلك من خلال أن الاختبار الصادق لابد أن يكون ثابتا بحيث لا يعقل أن يكون هذا الاختبار متفق مع وظيفة ما و لا يكون متفق مع نفسه .
( 2 ) إن معامل الصدق لا يمكن أن تزيد عن معامل الثبات و يقصد بذلك أن لا يعقل أن يتصف بالثبات بمقدار مع نفسه .
( 3 ) أن الاختبار قد يكون ثابت و لا يكون صادق لأنه يمكننا أن نقيس وظيفة أخرى غير المفحوصين لقياسه أو وظيفة أخرى إلى جانب الوظيفة المخصصة لها .

الـخــاتمة :
من خلال هذا البحث البسيط قد تناولت صفات الاختبار الجيد من حيث مفهوم الصدق و الموضوعية و ثبات الاختبار و من حيث العوامل المؤثرة في الصدق و الثبات من حيث العوامل المؤثرة بالتلميذ و الاختبار و إدارة الاختبار و قد تناولت أيضاً طرق قياس الثبات و العلاقة فيما بينهما و قد تناولت أيضاً أنواع الصدق و منه : منطقي - تلازمي – مفهوم - عاملي - تنبؤي – ظاهري- تجريبي بصورة مختصرة .


المرجع :
مدخل إلى القياس و التقويم التربوي و استخدامه في مجال التدريس الصفي د / نبيل عبد الهادي
التطوير التربوي و مبادئ الإحصاء ( أحمد صالح مرزوق ) ( أحمد منصور )

تفكير الأطفال والتعليم

تفكير الأطفال والتعليم
يقول هاورد قارندر: اسأل طفلاً عمره خمس سنوات لماذا تشتد الحرارة في الصيف؟ سيقول لك لأن الأرض في فصل الصيف قريبة من الشمس. سيقول لك ذلك أيضاً طالب بآخر سنة في المرحلة الثانوية.. وكلاهما مخطئ. وكلاهما اعتمد في إجابته على قوة المعلومة المخزونة في إدراكه منذ صغره. ويقول هاورد قارندر إن سرعة البديهة لطفل عمره خمس سنوات أمر جيد، ولكن لماذا لم تغير دراسة اثني عشر عاماً في التعليم العام هذه المفاهيم الخاطئة عند الأطفال؟، وهو سؤال كبير له مغزاه..
ولتفسير ذلك وللإجابة عن هذا السؤال يقول هاورد قارندر ـ العالم النفسي وصاحب نظرية تعدد الذكاء Multiple Intelligences - يقول في كتابه: العقل الجاهل: كيف يفكر الأطفال وكيف يجب أن تعلّم المدارس؟ إن المدارس لم تتمكن حتى الآن من مواجهة المفاهيم والمعلومات المغلوطة التي خزنها الأطفال في أذهانهم في صغرهم، والمشكلة أن معظم المدارس لم تفكر في هذه المشكلة حتى الآن، ولم يتم مواجهة هذا النوع من المشكلات، ولهذا بقيت كثير من المفاهيم والمعلومات الخاطئة في أذهان التلاميذ وأدت في بعض الأحيان إلى حدوث متغيرات للأطفال أثرت تأثيراً سلبياً على سلوكهم ومسار حياتهم، مؤكداً أن أسباب ذلك ترجع إلى استمرار المعلومات والخبرات والقناعات والمفاهيم المخزونة في الأذهان منذ سن الخامسة.
وشرح قارندر أن الأطفال يأتون للمدرسة في سن السادسة بنظريات قوية Robust حول أنفسهم والناس من حولهم، وعن العالم، لكن هذه النظريات مغلوطة وبدلاً من أن تقوم المدارس بمواجهة هذه النظريات وتحديها وتصحيحها لمفاهيم أخرى جديدة تبقى تلك المفاهيم الخاطئة في أذهان الدارسين مؤثرة تأثيراً سلبياً في حياتهم.
ويضيف المؤلف: حتى إن كانت هذه المفاهيم متناقضة مع ما يدرسه الطلاب فإن المفاهيم المخزونة منذ الصغر تتعايش مع المفاهيم والنظريات الجديدة التي يتعلمها الطلاب في المدارس ويبقى تأثيرها السلبي.. وضرب قارندر مثالاً على ذلك التعايش، فإذا سأل المعلم -في المدرسة- سؤالاً حول المعلومات التي تعلمها الدارس في المدرسة فإن الطالب يعطيه إجابة مبنية على ما تعلمه في المدرسة من نظريات ومفاهيم، لكن ذلك لا يعني أن الدارس قد تخلى عما قام بتخزينه من نظريات ومعلومات منذ سن الخامسة. لأن ذلك الدارس ما إن يخرج من المدرسة حتى يقوم بالرجوع revert إلى نظريات عقل الخمس سنوات، وذلك عندما يواجه مواقف جديدة تتعلق بهذه النظريات. لأن المدرسة كما يجادل قارندر لم تُعدّه لمواجهة مثل هذه المواقف، ولم تواجه نظريات الخمس سنوات وتصّححها. ولذا فهو يلجأ إليها عندما يواجه موقفاً يحتاج إلى هذه النظريات.
والمشكلة -كما يقول المؤلف- أن المعلمين والمدارس يتعاملون مع الدارسين كما لو كانت عقولهم فارغة، وتحتاج إلى ملئها بمعلومات جديدة ويقول: إذا لم نواجه الأفكار الموجودة في أذهان الدارسين ونعرف المناسب منها ونعززه وغير المناسب ونغيره فإن الأفكار غير المناسبة ستبقى هناك في ذهنه مؤدية إلى غير المناسب من السلوك، وعن الهدف الحقيقي للتعليم يقول قارندر: قد يصل الدارسون في مستوى القيام بالواجبات ودرجات الاختبار إلى مستوى نرضى عنه، ولكن ذلك لا يعني أننا ضمّنا فهم الطلاب واستيعابهم لما تعلموه.. وهذا الاختلاف بين التدريس والاستيعاب يجب أن يقلقنا لنبحث عن الاستيعاب الحقيقي وراء التعليم المتكرر والإجابات القصيرة التي عادة ما ينظر إليها كهدف أساسي للتعليم. ويضيف قارندر أن أحداً لم يسأل سؤالاً إضافياً: لكن، هل «حقيقة» فهمت؟ إن الفجوة بين ما نعتقد أنه فهم وبين الفهم الحقيقي كبيرة جداً. واقترح قارندر حلولاً قد تؤدى إلى الفهم الحقيقي الذي ننشده.. مبيناً وصفة واضحة لإصلاح المدارس.
لقد اقترح قارندر نظاماً تعليمياً مقترناً بمشروعات فردية وجماعية تقوم أساساً على الخبرات والتجارب تقدم عن طريق متاحف للأطفال الذين يقومون بزيارتها للاطلاع على نماذج من الخبرات والتجارب بشكل ملموس ومحسوس، ويعتقد قارندر أن هذه المشاريع والبرامج تجعل الأطفال يستعيدون بيئة تعليمية مفقودة من خبرات مدارسهم. وخلال هذه البرامج يجب أن يشارك الدارسون الكبار بشكل مستمر، يتعلمون من خبراتهم في المجال الذي يعملون فيه.
تتمحور حياة الناس -خارج نطاق التعليم- حول المشاريع، وهذه النقطة لم تتعرض لها المدارس حتى الآن. يقول المؤلف: «دائماً أفترض أن الناس عموماً يمكن أن يتعلموا بشكل أكبر من خلال مشاريع قليلة يقومون بها في المدرسة، وذلك أكثر مما يتعلمونه من مئات الساعات من المحاضرات النظرية والواجبات المدرسية»، وأتصور أن كثيراً من الناس ينتهون إلى مهنهم وإلى هواياتهم لأن أقدامهم قادتهم إلى مشروع تعليمي جيد، واكتشفوا أن ذلك المشروع حقيقة ممتع ومفيد لهم. وفي الوقت نفسه عندما ينغمسون في ذلك المشروع قد يكتشفون ميولهم الحقيقية.
ويعتقد قارندر أن المدارس يجب أن تعير الانتباه إلى مساعدة الدارسين ليكتشفوا المجالات التعليمية المناسبة لهم، مركزة في ذلك على المهارات الأساسية، ومؤكدة الجوانب الإيجابية والمفاهيم الإيجابية التي يحملها الأطفال، والمرونة والإبداعية والحماس التلقائي للتعليم. ويضيف أنه من الممكن بدون شك أن يكون الدارسون مثقفين، ومن الممكن أن يحتفظوا بثقافتهم. ولكن الشيء المفقود هو أن هدف الثقافة الحقيقي قد فُرِّغ من محتواه الحقيقي. فالدارسون يكونون مثقفين بمفهوم الثقافة السطحي، حيث يُدفع الدارسون إلى حفظ قوانين القراءة والكتابة كما يحفظون قوانين الجمع والضرب في الرياضيات. والشيء المفقود يتعلق بناحيتين:
الأولى: القـدرة عــلى القــراءة بهــدف الاستيعاب.
الثانية: الرغبة في القراءة أصلاً.
واقترح كتاب قارندر الطرائق التي يستطيع بها المعلمون مساعدة طلابهم في مواجهة مفاهيمهم الخاطئة ونظرياتهم المغلوطة؛ بهدف الوصول إلى استيعاب حقيقي وعميق. إحدى الطرائق التي اقترحها هي christopherion encounrters بما يمكن ترجمته: تحديات كرستوفر كولمبوس عندما تحدى النظرية (المقولة) التقليدية بسطحية الأرض، وأنها ليست كروية، عن طريق هذا التحديد يقول المؤلف: يمكن للمعلمين أن يواجهوا مفاهيم طلابهم ويثبتوا صحتها ومن ثم دعمها، أو يثبتوا بطلانها ويقنعوا طلابهم بالتخلي عنها. وذلك عن طريق مقارنة تلك المفاهيم بنظريات أكثر تطوراً ومصداقية حول كيف يسير العالم من حولهم. (ضرب مثالاً بمادة الفيزياء) ومثالاً بمادة التاريخ حيث قال: يمكن للطلاب في مادة التاريخ أن يعيدوا النظر في مفاهيمهم حول أسباب الحرب العالمية الأولى عن طريق تفنيد المبررات المتناقضة لنفس الحدث.
ويقول قارندر إن المفتاح لتحليل الدارسين واستعراضهم ومناقشتهم للمادة هو النظر إلى الحدث من عدة زوايا وليس من زاوية واحدة قدر الإمكان. ويقول في هذا الصدد إن الطريقة الوحيدة لتغيير مفاهيمنا إلى الأصدق هي أن نضع هذه الأشياء في قائمة اهتمامات المدرسة من السنوات الأولى، وأن نعيد هذه الطريقة مع الطلاب مرات ومرات ومرات؟حتى يتعودوا على هذا النوع من التعليم.
وطريقة قارندر الرئيسة تتطلب دائماً من الدارسين والمعلمين معاً إعادة التفكير في المفاهيم التي يحملها الدارسون لفترة طويلة ووضعها على طاولة المناقشة لتعزيز الصادق والمفيد منها، وطرد المغلوط والمؤذي والتخلي عنه. ويقول إن معظم الناس والمعلمين منهم، يرجع ويؤكد ما تعلمه في سن الخامسة في مدرسة سماتها: السلطوية، مؤسسة عقابية فيها شخص ما ذكي يقف في مقدمة الفصل الدراسي يحاول تمرير معلومات لمجموعة كبيرة من الدارسين. وإذا كان في ذلك الفصل طفل عمره ست سنوات، في مدرسة تقليدية كهذه، فمن المؤكد أن تعليمه سيكون سيئاً، وبالتأكيد سيكون هذا الطفل في المؤخرة. ولكن في مشروع قارندر يستطيع ذلك الطفل أن يثبت نفسه بشكل أفضل في فصله في مجموعة من المهارات مثل تفكيك مقابض الأبواب وإعادتها.. طحن الأطعمة، ومهام أخرى نحتاج إليها. وعندما يبني هذا الطفل نجاحاً فوق آخر من مهارات كثيرة ومختلفة يطبقها، ويقوم بها بنفسه ويراها ويشعر بها سيشجعه، ذلك على تحسين أدائه المدرسي.. لأنه عندما يرى أن لديه قدرات قُيِّمت وأثُني عليها من آخرين سيغرس هذا الشعور في نفسه الثقة مما يدفعه للعمل بشكل أفضل في مجالات أخرى.
في كتابه «العقل الجاهل» يأمل قارندر أن يصل إلى المعلمين بنظرياته حول « عقل الخمس سنوات» وتوقع أن هذا الكتاب سيضرب على الوتر الحساس في اهتمامات المعلمين المتميزين.. وتوقع أيضاً أن يقول هؤلاء المعلمون «كنا نعتقد منذ زمن أن ما نعلِّمه لطلابنا قد وصل إليهم واستفادوا منه في حياتهم».
ويريد قارندر من المعلمين أن يفكروا كثيراً في طريقة تدريسهم، وأن يستخدموا طرائق في التعليم تركز على الاستيعاب الحقيقي، الذي يكون -فقط- عندما يعترف المعلمون بمفاهيم الدارسين السابقة التي يأتون بها للمدرسة ويحملونها منذ السنة الخامسة، وينطلق المعلمون من تلك المفاهيم ليبنوا عليها. عند ذلك فقط سيتمكن الدارسون من استيعاب دروس معلميهم في المدرسة. وعندها فقط سيتمكن الدارسون من تطبيق ما تعلموه خارج الفصل الدراسي ذلك الهدف الذي نسعى كتربويين لتحقيقه.